وتشتهي. وإذا شبعت تمنت الشهوات، وتتمنى ما تهوى.
ويحتمل: (تَتَّقُونَ) عذاب اللَّه وعقابه. واللَّه أعلم.
وقوله: (فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ).
ألزم بعض الناس على المريض والمسافر قضاء عدة الأيام وإن صاموا، فاستدلوا بظاهر الآية فقالوا: أوجب عليهم القضاء على غير ذكر الإفطار فيها.
واحتجوا أيضًا بما رُويَ عن رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -، أنه قال: " الصائم في السفر كالمفطر في الحضر "، فقد حقق له حكم الإفطار في أن لا صوم له؛ فدل أنه لم يجز، فكان كتقديم الصوم عن وقته.
وأما عندنا: فهو على إضمار الإفطار، كأنه قال: (فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ) فأفطر، (فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ). وهو كما ذكر عَزَّ وَجَلَّ في المتأذي: (فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ) أي: من كان به أذى فرفع من رأسه ففدية. وكما قال في المضطر: (فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ) ومثله كثير في القرآن. فلا يجوز لأحد أن يأتي ذلك، ولأن المرض والسفر أعذار رخص الإفطار فيها تخفيفا وتوسيعًا على أربابها، فلو كان على ما قال هو لكان فيه تضييق عليهم؛ ولأنه إذا قضى في عدة من الأيام إنما يقضي عن ذلك الوقت، فلو لم يجز الفعل في ذلك الوقت وفي تلك الحال، لكان لا يأمر بالقضاء عن ذلك الوقت ولا عن تلك الحال؛ فدل أنه على ما ذكرنا. واللَّه أعلم.
وأصله: ما رُويَ عن رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -، أنه صام في السفر، وروي أنه أفطر، ورُويَ عن الصحابة، أنهم صاموا في السفر. ولو كان لا يجوز لكان لا معنى لصومهم.