ويحتمل: لا بهذا، ولكن بقوله: (وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ)؛ إذ لا يجب إكمال العدة لما مضى إلا على حق الفرضية.
والثاني: قال اللَّه تعالى: (يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ)، بما رخص للمريض والمسافر الإفطار، ولو كان غير فرض لم يكن لما ذكر من الامتنان علينا بالتيسير معنى؛ لأن المنة لا تذكر فيما له تركه؛ فدل أنه فرض.
ويحتمل: أن يكون فرضيته بقوله عَزَّ وَجَلَّ: (كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ)؛ لأن قوله: (كُتِبَ)، أي: فرض. فدلت هذه الآيات على أنه فرض.
ثم اختلف في قضاء ما فات منه برخصة الإفطار في السفر أو في المرض:
قَالَ بَعْضُهُمْ: لا يجوز إلا متتابعًا. وكذلك روي في حرف أبي بن كعب في قوله: " فعدة من أيام أخر متتابعات ".
وأما عندنا: فإنه يجوز متتابعًا ومتفرقًا؛ اتباعًا لما رُويَ عن خمسة من أصحاب رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -، أنهم قالوا: " إن شاء تابع، وإن شاء فرق " سوى أن عليًّا، رضيَ اللَّهُ تعالى عنه، قال: يتابع، لكنه إن فرق جاز، ثم عن عليٍّ، وعبد اللَّه بن عَبَّاسٍ، وأبي سعيد الخدري، وأبي هريرة، رضيَ اللَّهُ تعالى عنهم، وآخر لست أذكره، أنهم قالوا: بجواز ذلك، ولا يحتمل أن التتابع شرطًا فيه خفي ذلك على هَؤُلَاءِ، أو تركوه إن عرفوه؛ فدل


الصفحة التالية
Icon