وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ فَإِنِ انْتَهَوْا فَلَا عُدْوَانَ إِلَّا عَلَى الظَّالِمِينَ (١٩٣) الشَّهْرُ الْحَرَامُ بِالشَّهْرِ الْحَرَامِ وَالْحُرُمَاتُ قِصَاصٌ فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ (١٩٤) وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (١٩٥)
وقوله: (يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ (١٨٩)
يحتمل: (يَسْأَلُونَكَ)، أي: سألوك عن الأهلة.
ويحتمل: (يَسْأَلُونَكَ) أنهم يسألونك من بعد، فإن كان على هذا ففيه دليل رسالته؛ لأنه كان كما أخبر من السؤال له.
ثم معنى السؤال عن الأهلة - واللَّه أعلم - هو أنهم لما رأوا الشمس تطلع دائمًا على حالة واحدة، ورأوا القمر مختلف الأحوال من الزيادة والنقصان فحملهم ذلك على السؤال عن حال القمر، فأخبر - عَزَّ وَجَلَّ - أنه جعل الهلال معرفًا للخلق الأوقات والآجال والمدد ومعرفة وقت الحج؛ لأنه لو جعل معرفة ذلك بالأيام لاشتد حساب ذلك عليهم، ولتعذر معرفة السنين والأوقات بالأيام. فجعل - عَزَّ وَجَلَّ - بلطفه وبرحمته، الأهلة ليعرفوا بذلك الأوقات والآجال، ويعرفوا وقت الحج، ووقت الزكاة؛ طلبًا للتخفيف والتيسير عليهم.
ثم قال: (مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ)، جعل الأهلة كلها وقتا للحج. ولهذا قال أصحابنا: إنه يجوز الإحرام في الأوقات كلها، على ما يجوز بقاء الإحرام في الأوقات كلها.
وأما أفعال الحج: فإنها لا تجوز إلا في وقت فعل الحج، وهو قوله: (الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ)، فإنما هي على أفعال فيه، دليله قوله: (فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ)، ولا تفرض من الحج في غير الإحرام؛ دل أنه عنى به أفعال الحج، وقد جاء: أنه سمى الإحرام على الانفراد حجا، وسمى الطواف بالبيت حجا، والوقوف حجا، وقال: " الحج عرفة " وسمى الذبح حجا، حيث قال: " أفضل الحج


الصفحة التالية
Icon