وقيل: لا تسرف، أي: لا تمثل في القتل.
وقيل: لا تسرف في القتل، أي: لا تقتل أنت إذ هو منصور.
فثبت بهذا نسخها؛ إذ لم يؤذن بقتل غير القاتل.
وقوله أيضًا: (وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ)، ولا يحتمل نفس غير القاتل يقتل بنفس. دليله قوله: (فَمَنْ تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ)، ولا يتصدق على غير القاتل. ثبت أنها منسوخة بما ذكرنا.
وفي الثاني: قال اللَّه تعالى: (وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ)، لما إذا هم بقتل آخر يذكر قتل نفسه، فيرتدع عن قتله، فيحيا به النفسان جميعًا، فلو لزم قتل غير القاتل لم يكن فيه حياة، إذ لا يخشى تلف نفسه.
ثم هذا يدل على وجوب القصاص بمن الحر والعبد، وبين الكافر والمسلم، إذ لو لم يجعل بينهما قصاص لم يرتدع أحد عن قتلهم، إذ لا يخشى تلف نفسه بهم. فدل أنهم يقتلون بهم. واللَّه أعلم.
هذا فيما يجعل الآية ابتداء، لا في الحيين، اللذين ذكرا به.
ثم يقال: ليس في ذكر شكل بشكل تخصيص الحكم فيه وجعله شرطًا ونفيه في غير شكله. دليله ما رُويَ عن رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -، أنه قال: " خذوا عني خذوا عني، قد جعل الله لهن سبيلًا، البكر بالبكر جلد مائة وتغريب عام، والثيب بالثيب جلد مائة ورجم بالحجارة ". ثم إذا زنى البكر بالسيب وجب ذلك الحكم، فدل أن ليس في ذكر شكل بشكل تخصيص في الحكم، ولكن فيه إيجاب الحكم، في كل شكل إذا ارتكب ذلك وهو أن يقتل الحر إذا قتل آخر. والحرية لا تمنع الاقتصاص لفضله. وكذلك العبد إذا قتل آخر يقتل به، والرق لا يمنع ذلك للذل الذي فيه.
وكذلك الأنثى تقتل إذا قتلت أخرى، ولا يمنع ما فيها من الضعف في وجوب القصاص. وباللَّه التوفيق.