وقال الحسن: هي الإبل والبقر والغنم.
وقال آخرون: البهيمة: كل مركوب.
لكن عندنا: كل مأكول من الغنم، والوحش، والصيد، وغيره، وإن لم يذكر.
دليله، ما استثنى: (إِلَّا مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ غَيْرَ مُحِلِّي الصَّيْدِ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ)؛ كأنه قال: أحلت لكم بهيمة الأنعام والصيد إلا ما يتلى عليكم من (الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ) الآية، (غَيْرَ مُحِلِّي الصَّيْدِ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ)
دل قوله: (غَيْرَ مُحِلِّي الصَّيْدِ) على أن الصيد فيه كالمذكور، وإن لم يذكر؛ لأنه استثنى الصيد منه، وأبدًا: إنما يستثنى الشيء من الشيء إذا كان فيه ذلك، وأما إذا لم يكن؛ فلا معنى للاستثناء، فإذا استثنى الصيد دل الاستثناء على أن الصيد فيه، وإن لم يذكر.
ودل قوله - تعالى -: (وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا)، على أن النهي كان عن الاصطياد في حال الإحرام لا عن أكله؛ لأن للمحرم أن يأكل صيدًا صاده حلالٌ.
ودل قوله: (غَيْرَ مُحِلِّي الصَّيْدِ) على أن الصيد قد دخل في قوله: (أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الْأَنْعَامِ) على ما ذكرنا فيما تقدم: أن البيان في الجواب يدل على كونه في السؤال، وإن لم يكن مذكورًا في السؤال؛ فعلى ذلك تدل الثنيا من الصيد على كونه فيه، واللَّه أعلم.
ويحتمل (بَهِيمَةُ الْأَنْعَامِ) الثمانية الأزواج التي ذكرها في سورة الأنعام: (مِنَ الضَّأْنِ اثْنَيْنِ وَمِنَ الْمَعْزِ اثْنَيْنِ... إلى آخر ما ذكر.
والآية تدل على أن الذي أحل من البهائم - الأنعام منها - ثمانية؛ دل عليه قوله: (وَالْأَنْعَامَ خَلَقَهَا لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ وَمَنَافِعُ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ) ثم قال: (وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً)؛ ففصل بين الأنعام وبين الخيل والبغال والحمير؛ فالخيل والبغال والحمير، خلقها للركوب، والأنعام للأكل.
وقوله: (إِلَّا مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ غَيْرَ مُحِلِّي الصَّيْدِ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ)
كأنه قال: أحلت لكم بهيمة الأنعام والصيد، (إِلَّا مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ): يحتمل: يتلى على الوعد، أي: يتلى عليكم من بعد ما ذكر على أثره: (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ...) إلى آخره، ويحتمل: (إِلَّا مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ) وهو ما ذكر.