لأن الجلد ربما يشوى مع اللحم فيؤكل؛ فهو حرام كاللحم، إلا أن يدبغ.
ثم في الآية دليل الامتحان من وجهين:
أحدهما: إباحة التناول من جوهر، وامتحن بحرمة الخنزير والدم لم يحله بسبب ولا بغير سبب، وامتحن بحل الآخر بسبب، وحَرَّم بسبب.
والثاني: امتحن بسبب حل تنفر الطباع عنه؛ لأن كل ذي روح يتألم بالذبح واستخراج الروح منه، وجعل طبيعة كل أحد مما ينفر عنه لم يتألم به؛ لتطيب أنفسهم بذلك، ثم جعل ما يخرج من الأرض كله حلالاً بلا سبب يكتسبون، إلا ما لا يقدرون على التناول منه؛ لخوف الهلاك؛ لأنه موات لا تنفر الطبائع عنه، ثم جعل أسباب الحل أسبابًا يكتسبون مما لا يعمل في استخراج ذلك الدم المحرم منه حل أكله، وإذا لم يعمل في استخراج ذلك الدم؛ فهلك فيه - أفسده؛ لأنه أتلف فيه ما هو محرم فأفسده؛ فاستخراج ذلك الدم مما يطيب ذلك، ويمنع عن الفساد، إلا في طول الوقت، والذي هلك فيه الدم يفسد في قليل الوقت.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ):
قال الكسائي: (وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ): أي: ذكر وسمي عليه غير اسم اللَّه، مشتقة من استهلال الصبي، ومنه أهك الهلال، وأهل المهل بالحج إذا لبى.


الصفحة التالية
Icon