يفهمها غيرهم، على ما يكون لملوك الأرض بينهم وبين خواصهم إشارات يفهمها خواصهم ولا يفهمها غيرهم، هذا متعارف فيما بين الخلق أن يكون لهم فيما بينهم وبين خواصهم ما ذكرنا؛ فعلى ذلك يحتمل أن تكون هذه الحروف المقطعة خطابات من اللَّه خاطب بها رسله - وهم خواصه - يفهمونها ولا يفهمها غيرهم، ثم وجهُ فهمهم يكون لوجهين:
يخبرهم فيقول: إني إذا أنزلت إليكم كذا فمرادي من ذلك كذا، أو كان البيان والمراد منها مقرونا بها وقت إنزالها ففهموا المراد منها بما أفهمهم اللَّه وأراهم ما لم ير ذلك غيرهم؛ كقوله: (إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ) أرى رسله شيئا لم ير ذلك غيرهم، ولا أطلعهم على ذلك، فهو من المتشابه على غيرهم، وأما على الرسل فليس من المتشابه.


الصفحة التالية
Icon