ولكن قد ذكرنا أنهم كانوا يتبعون عظماءهم في التحليل والتحريم؛ كقوله: (اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ)، وكانوا لا يتخذون أُولَئِكَ الأحبار أربابًا في الحقيقة، ولكن كانوا يتبعونهم فيما يحلون ويحرمون ويصدرون عن آرائهم؛ فسموا بذلك لشدة اتباعهم أُولَئِكَ في التحليل والتحريم، واللَّه أعلم.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ).
قال أهل التأويل: يعني بالقليل: المؤمنين، ولكن يحتمل قوله: (قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ)، أي: لا تتذكرون رأسًا؛ لأن الخطاب جرى فيه لأُولَئِكَ الكفرة، وفيهم نزلت الآية.
* * *
قوله تعالى: (وَكَمْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا فَجَاءَهَا بَأْسُنَا بَيَاتًا أَوْ هُمْ قَائِلُونَ (٤) فَمَا كَانَ دَعْوَاهُمْ إِذْ جَاءَهُمْ بَأْسُنَا إِلَّا أَنْ قَالُوا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ (٥) فَلَنَسْأَلَنَّ الَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ وَلَنَسْأَلَنَّ الْمُرْسَلِينَ (٦) فَلَنَقُصَّنَّ عَلَيْهِمْ بِعِلْمٍ وَمَا كُنَّا غَائِبِينَ (٧) وَالْوَزْنُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (٨) وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ بِمَا كَانُوا بِآيَاتِنَا يَظْلِمُونَ (٩)