أخبر أنه إنما يأتيهم عذابه في حال الغفلة، أو في حال الأمن؛ لئلا يكونوا غافلين عن أمره، ولا يكونوا آمنين عذابه.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (فَمَا كَانَ دَعْوَاهُمْ إِذْ جَاءَهُمْ بَأْسُنَا... (٥)
أي: ما كان دعواهم قبل نزول العذاب إلا أنهم قالوا: نحن على الحق وإن غيرهم على الباطل، فإذا جاءهم بأسنا اعترفوا بظلمهم؛ كقوله: (إِلَّا أَنْ قَالُوا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ).
وقَالَ بَعْضُهُمْ: فما كان دعواهم حين نزول العذاب (إِلَّا أَنْ قَالُوا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ).
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (فَلَنَسْأَلَنَّ الَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ وَلَنَسْأَلَنَّ الْمُرْسَلِينَ (٦)
يذكر في هذه الآية أنه يسألهم جميعًا: الرسل والمرسلين إليهم.
وقال في آية أخرى: (فَيَوْمَئِذٍ لَا يُسْأَلُ عَنْ ذَنْبِهِ إِنْسٌ وَلَا جَانٌّ)، وقال: (لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ)، ولكن قوله: (لَا يُسْأَلُ عَنْ ذَنْبِهِ) أي لا يسأل عما فعل وعن نفس ما ارتكب؛ كم أذنبت؟ وما فعلت؟ ولكن يسأل: لماذا فعلت؟ يسأل عن الحجة: لم أذنبت؟ ولم فعلت ذا؟ أو أن يسأل في وقت، ولا يسأل في وقت آخر.
قَالَ بَعْضُهُمْ: لا يسأل عن ذنبه غيره، وإنما يسأل صاحبه وفاعله، يخبر - واللَّه أعلم - أن أمر الآخرة صلى خلاف أمر الدنيا؛ لأن في الدنيا قد يؤاخذ غيره بذنب آخر وربما يسأل إحضار قريبه، وأما في الآخرة فإنه لا يؤاخذ غيره بذنب آخر كذلك كان ما ذكرنا.