موازينه (فَأُولَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ).
ولا يحتمل -أيضًا- ما قال غيره من أهل التأويل: إنه أراد ب " الموازين " ْالحسنات، والسيئات؛ لأن الآية في المؤمنين والكافرين، فلا سيئة ترجح في المؤمن مع إيمانه، ولا حسنة ترجح في الكافر مع شركه، إلا أن يقال: إن توزن حسناته وتقابل بسيئاته دون إيمان، وكذلك الكافر تقابل سيئاته بحسناته دون الشرك؛ فذهبت حسناتهم التي كانت لهم في الدنيا بما أنعم اللَّه عليهم في الدنيا؛ فقد عجل لهم جزاء حسناتهم التي عملوا في الدنيا؛ بما أنعم عليهم في الدنيا.
وأما المؤمن فيتجاوز عن سيئاته ويتقبل عنه أحسن ما عمل؛ كقوله: (أُولَئِكَ الَّذِينَ نَتَقَبَّلُ عَنْهُمْ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَنَتَجَاوَزُ عَنْ سَيِّئَاتِهِمْ).
أو أن يكون ما ذكر من الميزان هو الكتاب الذي ذكر في آية أخرى؛ كقوله تعالى: (فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ (٧) فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا (٨) وَيَنْقَلِبُ إِلَى أَهْلِهِ مَسْرُورًا (٩) وكما قال: (فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَيَقُولُ هَاؤُمُ اقْرَءُوا كِتَابِيَهْ) (وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِشِمَالِهِ فَيَقُولُ يَا لَيْتَنِي لَمْ أُوتَ كِتَابِيَهْ).
وقَالَ بَعْضُهُمْ: الوزن هو العدل؛ كقوله: (وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ)، لم يقل: نضع الموازين بالقسط، ولكن قال: (وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ)، والقسط: هو العدل، فهو إخبار عن العدل أنه يعدل بينهم يومئذ.