كان، وهذا -أيضًا- قد ذكرناه في تلك القصة. والحسن يقول: إنما وسوس إليهما من الدنيا لا أن كان دخل الجنة.
وقَالَ بَعْضُهُمْ: وسوس إليهما من رأس الجنة ومن فيها بكلمتهما.
وقوله - عزَّ وجلَّ -: (وَلَا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ).
لم يرد به الدنو منها، ولكن أراد الذوق والأكل منها؛ لأنه قال: (فَلَمَّا ذَاقَا الشَّجَرَةَ) دل أن النهي لم يكن للدنو منها، ولكن للذوق والأكل منها.
وفيه: أن الامتحان من اللَّه مرة يكون بالحل، ومرة يكون بالحرمة؛ لأنه أذن له التناول مما فيها من أنواع النعم، وحرم عليه التناول من واحدة منها؛ فذلك محنة منه، ثم النهي عن التناول من الشيء يخرج على وجوه:
أحدها: ينهى بحق الحرمة لنفسه، وينهى بحق إيثار الغير عليه، وينهى عن التناول منه لداء فيه وآفة، وينهى لما يخرج التناول منها بحق الجزاء فلم يكن بعد وقت الجزاء له.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (مَا وُورِيَ عَنْهُمَا مِنْ سَوْءَاتِهِمَا... (٢٠)
قوله: (مَا وُورِيَ) أي: ستر وغطي، وسوءاتهما: عورتهما، والسوءة: العورة في اللغة.


الصفحة التالية
Icon