وقيل: العفاف.
وقيل: الحياء.
وقيل: الإيمان، فكله واحد، أي: كل ما ذكر من لباس التقوى خير من اللباس الذي ذكر؛ لأن الدِّين والإيمان والقرآن والحياء يزجره ويمنعه من المعاصي فهو خير لأنه لباس في الدنيا والآخرة؛ لأن المؤمن التقي العفيف الحيي لا يبدو له عورة، وإن كان عاريًا من الثياب وأن الفاجر لا يزال تبدو منه عورته، وإن كان كاسيا من الثياب، لا يتحفظ في لباسه؛ فلباس التقوى خير، وهو كقوله (فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى) هذا التأويل للقراءة التي تقرأ بالرفع: (وَلِبَاسُ التَّقْوَى) على الابتداء.
وأمَّا من قرأ بالنصب فهو رده إلى قوله: (يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنْزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْءَاتِكُمْ وَرِيشًا)، ثم أنزلنا عليكم -أيضًا- لباسًا تتقون به الحر والبرد والأذى؛ فيكون فيه ذكر لباس سائر البدن، وفي الأول ذكر لباس العورة.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (ذَلِكَ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ).
يحتمل قوله: (ذَلِكَ) الذي اتخذ منه اللباس والأطعمة والأشربة من آيات الرسالة؛ لأن كل ذلك إنما عرف بالرسل بوحي من السماء، وهو ما ذكرنا أن فيه دليل إثبات الرسالة.
ويحتمل ذلك من آيات اللَّه أي: من آيات وحدانية اللَّه وربوبيته؛ لما جعل منافع السماء متصلة بمنافع الأرض مع بعد ما بينهما؛ دل ذلك أن منشئهما ومدبرهما واحد؛ لأنه لو كان تدبير اثنين، ما اتسق تدبيرهما؛ لاتصال منافع أحدهما بالآخر.