إخراجه.
أو هو إخراجه من المدينة، على ما ذكر في بعض القصة: أن اليهود قالوا لرسول اللَّه: إن مكان الأنبياء والرسل بيت المقدس، لا المدينة، فانتقل إليه.
وفي الآية دلالة إثبات رسالة مُحَمَّد - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -؛ لأنه معلوم أنهم أسروا في أنفسهم وفيما بينهم إخراجه وقتله، لا أنهم أظهروا ذلك، ثم أخبرهم بذلك، دل أنهم إنما علموا أنه إنما عرف ذلك باللَّه تعالى.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَهُمْ بَدَءُوكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ).
يحتمل قوله: (وَهُمْ بَدَءُوكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ) في نقض العهد، أي: هم بدءوكم بنقض العهد.
ويحتمل: بدءوكم بالقتال أول مرة والإخراج.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -؛ (أَتَخْشَوْنَهُمْ فَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَوْهُ) أي: لا تخشوهم واخشوا اللَّه؛ فإنهم لا يقدرون أن تصل إليكم نكبة إلا بإقدار اللَّه إياهم، فلا تخشوهم واخشوا اللَّه.
ويحتمل قوله: (أَتَخْشَوْنَهُمْ) فاللَّه القادر بنصركم وبقهر عدوكم (فَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَوْهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ): إذ هو القادر على منعهم عنكم ونصركم عليهم.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنْصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ (١٤)
علم اللَّه - عَزَّ وَجَلَّ - كراهة القتل وثقله على الخلق، فأمر المؤمنين بمقاتلة الكفرة، ووعدهم النصر.
والتعذيب بأيديهم: يحتمل وجهين:
الأول: يحتمل: القتل والإهلاك.
والثاني: يحتمل الأسر والسبي.
(وَيُخْزِهِمْ) يحتمل أيضًا وجهين:
الأول: يحتمل: الهزيمة والإذلال.
والثاني: يحتمل قوله: (وَيُخْزِهِمْ): في الآخرة؛ كقوله: (رَبَّنَا إِنَّكَ مَنْ تُدْخِلِ النَّارَ فَقَدْ أَخْزَيْتَهُ)، الخزي: العذاب الذي فيه الفضيحة والذلة.
وفي قوله: (قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ) دلالة نقض قول المعتزلة؛ لقولهم: إنه لا قدرة لله على أفعال الخلق، وقد أخبر أنه يعذبهم بأيديهم، ولو كان غير قادر على


الصفحة التالية
Icon