أفعالهم، كان يعذبهم بيده لا بأيديهم.
(وَيَنْصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ).
وعدهم النصر عليهم والظفر وخزي الكفرة، وهو ما ذكر: (قُلْ هَلْ تَرَبَّصُونَ بِنَا إِلَّا إِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ وَنَحْنُ نَتَرَبَّصُ بِكُمْ أَنْ يُصِيبَكُمُ اللَّهُ بِعَذَابٍ مِنْ عِنْدِهِ أَوْ بِأَيْدِينَا) وكذلك في قوله: (أَنْ يُصِيبَكُمُ اللَّهُ بِعَذَابٍ مِنْ عِنْدِهِ أَوْ بِأَيْدِينَا)، دلالة نقض قولهم أيضًا، لأنه أخبر أنهم يصيبهم العذاب من عنده أو بأيدي المؤمنين؛ كما ذكرناه.
وقوله: (وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ).
يحتمل أن تكون قلوبهم توجعت وتألمت بكفرهم باللَّه وتكذيبهم الرسول، فوعدهم شفاء صدورهم، وذلك يحتمل وجهين:
أحدهما: أنهم يسلمون، فيصيرون إخوانًا، فيدخل فيهم السرور والفرح بإزاء ما حزنوا وتألموا، وذلك شفاء صدورهم.
والثاني: يشف صدورهم بالقتل والهزيمة، يقتلون ويهزمون، ففي ذلك شفاء صدورهم، لما تألمت وتوجعت بالتكذيب والكفر باللَّه وآياته.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَيُذْهِبْ غَيْظَ قُلُوبِهِمْ وَيَتُوبُ اللَّهُ عَلَى مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (١٥)
هذا يحتمل -أيضًا- وجهين:
يذهب الغيظ الذي كان في قلوبهم بتكذيبهم رسول اللَّه وكفرهم بآيات اللَّه بإسلامهم يسلمون فيكونون إخوانًا.
أو يقتلون ويهلكون فيذهب عنهم الغضب الذي كانوا غضبوا عليهم بالذي ذكرنا.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَيَتُوبُ اللَّهُ عَلَى مَنْ يَشَاءُ) أي: من شاء عذب، ومن شاء تاب عليه.
وفي الآية دلالة الرد على المعتزلة؛ لأنهم يقولون: شاء أن يتوب على جميع الكفرة، لكنهم لا يتوبون، فأخبر أنه يعذب بعضًا ويتوب على بعض، فإنما شاء أن يعذب غير الذي شاء أن يتوب عليه وشاء أن يتوب على غير الذي شاء أن يعذبه.


الصفحة التالية
Icon