كقوله: (فَمَا تَنْفَعُهُمْ شَفَاعَةُ الشَّافِعِينَ)، ونحوه.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (يُضَاعَفُ لَهُمُ الْعَذَابُ): هذا يدل على أن قوله: (الَّذِينَ يَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ) وفي الأئمة الذين صرفوا الناس عن دين اللَّه؛ لأنه أخبر أنه يضاعف لهم العذاب.
وهو يحتمل وجهين:
أحدهما: لما ضلوا هم بأنفسهم، والآخر: لما صرفوا الناس عن دين اللَّه تعالى.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (مَا كَانُوا يَسْتَطِيعُونَ السَّمْعَ وَمَا كَانُوا يُبْصِرُونَ): قالت المعتزلة فيه بوجهين:
أحدهما: أنهم كانوا يسمعون ويبصرون، لكنه قال لا يستطيعون السمع ولا يبصرون استثقالا منهم لذلك، وهو كما يقول الرجل: ما أستطيع أن أنظر إلى فلان ولا أسمع كلامه، وهو ناظر إليه سامع كلامه، لكنه يقول ذلك لاستثقاله النظر إليه وسماع كلامه؛ فعلى ذلك الأول كانوا يسمعون ويبصرون، لكنهم كانوا يستثقلون السمع والنظر إليهم فنفى عنهم ذلك.
والثاني: كانوا لا يستطيعون السمع، أي: كانوا كأنهم لا يستطيعون السمع ولا النظر، وهو ما أخبر أنهم صم بكم عمي، كانوا يتصامون ويتعامون الحق.
وأمَّا عندنا: الجواب للتأويل الأول أنهم كانوا لا يستطيعون السمع وما كانوا يبصرون السماع سمع الرحمة والنظر إليه بعين الرحمة والقبول، فهم من ذلك الوجه كانوا لا يستطيعون.
والثاني: يحتمل سمع القلب وبصر القلب، وهم كانوا لا يستطيعون السمع سمع القلب وبصر القلب؛ كقوله: (فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ) وهذه الاستطاعة عندنا هي استطاعة الفعل لا استطاعة الأحوال؛ إذ جوارحهم كانت سليمة صحيحة؛ فدل أنها الاستطاعة التي بها يكون الفعل لما ذكرنا.
وفي حرف ابن مسعود - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: (يضاعف لهم العذاب بما كانوا


الصفحة التالية
Icon