يستطيعون السمع)، ثم سئل الحسن عن ذلك؟ فقال: هو قول اللَّه: (الَّذِينَ كَانَتْ أَعْيُنُهُمْ فِي غِطَاءٍ عَنْ ذِكْرِي وَكَانُوا لَا يَسْتَطِيعُونَ سَمْعًا)، إذا سمعوا الوحي تقنعوا في ثيابهم، فلم يستطيعوا احتمال ذلك.
وفي حرف حفصة: (وَمَا كَانُوا يَسْتَطِيعُونَ السَّمْعَ) بالواو.
وأما في حرف ابن مسعود ظاهر تأويله أي: يضاعف لهم العذاب بما كانوا يستطيعون السمع، فلم يسمعوا عنادا وإبطاء، وأصله ما كانوا يستطيعون السمع المكتسب والبصر المكتسب عندنا، ما ذكر من السمع والبصر هو السمع المكتسب والبصر المكتسب والحياة المكتسبة؛ لأن سمع الآخرة وحياتها مكتسبان، وحياة الدنيا والسمع والبصر مخلوقة.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (أُولَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ (٢١) أما في الدنيا عبادتهم غير معبودهم الذي كان منه جميع النعم والمنافع، وما لحقهم بذلك من الذل والصغار، وأما في الآخرة فالعذاب والهوان الدائم بدلا عن النعم الدائمة.
(وَضَلَّ عَنْهُمْ) أي: بطل عنهم، (مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ): (هَؤُلَاءِ شُفَعَاؤُنَا عِندَ اللَّهِ) و (مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا...) الآية. وأمثاله.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (لَا جَرَمَ أَنَّهُمْ فِي الْآخِرَةِ هُمُ الْأَخْسَرُونَ (٢٢) قال أَبُو عَوْسَجَةَ: لا جرم واجب من الكلام، أي: الحق أنهم في الآخرة هم الأخسرون. وقَالَ بَعْضُهُمْ: لا جرم أي: نعم إنهم في الآخرة هم الأخسرون. وقال الفراء: قوله: (لَا جَرَمَ) أي: لا بد، لكن الناس أكثروا استعماله فصار في معارفهم حقا، ولا بد في الحقيقة حقا؛ لأنه إذا كان لا بد فهو حق.


الصفحة التالية
Icon