ويحتمل قوله: (وَكَذَلِكَ يَجْتَبِيكَ رَبُّكَ) أي: كما اجتباك ربك بالرؤيا التي أراك، يفعل ذلك بك.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَيُعَلِّمُكَ مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ)، قيل: تدبير الرؤيا.
وقَالَ بَعْضُهُمْ: علمه تأويل الصحف التي كانت لإبراهيم وغيره، وعلمه تأويل تلك الصحف والأحاديث.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَيُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَعَلَى آلِ يَعْقُوبَ كَمَا أَتَمَّهَا).
قَالَ بَعْضُهُمْ: كما أتمها على أبويك من قبل إبراهيم وإسحاق حين أراد ذبح ابنه، فجعل مكانه كبشا؛ فعلى ذلك يتم نعمته عليك، ويسجد لك إخوتك وأبويك.
ثم من الناس من استدل بهذا أن الذبيح كان إسحاق؛ لأنه ذكر إتمام نعمته على إبراهيم وإسحاق.
ودل قوله: (وَعَلَى آلِ يَعْقُوبَ) على أنه قد اجتباهم بالنبوة من بعد - أعني: أولاد يعقوب - لأن ولده من آله، وقد أخبر أنه يجتبيهم ويتم نعمته عليهم؛ كما فعل بأبويه: إبراهيم وإسحاق، وكذلك روي عن الحسن أنه قال في إخوة يوسف: نبئوا بعد ما صنعوا بيوسف ما صنعوا.
وقَالَ بَعْضُهُمْ: تأويل الأحاديث: العلم والكلام.
قال: وكان يوسف أعبر الناس، وهو ما قال اللَّه - تعالى -: (وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا).
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (إِنَّ رَبَّكَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ) بما صنع به إخوته، أو عليم بما ذكر من التمام، (حَكِيمٌ): وضع كل شيء موضعه، واللَّه أعلم.
* * *
قوله تعالى: (لَقَدْ كَانَ فِي يُوسُفَ وَإِخْوَتِهِ آيَاتٌ لِلسَّائِلِينَ (٧) إِذْ قَالُوا لَيُوسُفُ وَأَخُوهُ أَحَبُّ إِلَى أَبِينَا مِنَّا وَنَحْنُ عُصْبَةٌ إِنَّ أَبَانَا لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (٨) اقْتُلُوا يُوسُفَ أَوِ اطْرَحُوهُ أَرْضًا يَخْلُ لَكُمْ وَجْهُ أَبِيكُمْ وَتَكُونُوا مِنْ بَعْدِهِ قَوْمًا صَالِحِينَ (٩) قَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ لَا تَقْتُلُوا يُوسُفَ وَأَلْقُوهُ فِي غَيَابَتِ الْجُبِّ يَلْتَقِطْهُ بَعْضُ السَّيَّارَةِ إِنْ كُنْتُمْ فَاعِلِينَ (١٠)
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (لَقَدْ كَانَ فِي يُوسُفَ وَإِخْوَتِهِ آيَاتٌ لِلسَّائِلِينَ).


الصفحة التالية
Icon