آية للسائل إذا كان السائل مسترشدًا، وكذلك القرآن كله، هو حجة وآية للمسترشد، وأما المتعنت فهو آية عليه.
ثم يحتمل قوله: (آيَاتٌ لِلسَّائِلِينَ): السائلين الذين سألوا؛ على ما ذكر في بعض القصة أن اليهود سألوا النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - عن أمر يوسف ونبيه، فأخبرهم بالحق في ذلك على ما كان، فهو آية لهم إن ثبت ذلك.
ويحتمل قوله: (آيَاتٌ لِلسَّائِلِينَ): السائلين الذين يسألون من بعد إلى آخر الدهر عن نبأ يوسف، كل من سأل عن خبره ونبيه فهو آية لهم.
ثم وجه جعله آية يحتمل وجوهًا:
أحدها: أنه جعل قصة يوسف ونبأه سورة، وتلك السورة هي آيات الكتاب؛ على ما ذكر: (تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْمُبِينِ)؛ جعل قصة يوسف ونبأه، آيات من الكتاب.
ويحتمل -أيضًا- أنه جعل آية؛ أي: حجة لنبوة رسوله ورسالته؛ لأن قصته ونبأه كان في كتبهم بغير لسانه من غير ترجمة أحد منهم ولا تعليم، ثم أخبرهم على ما كان في كتبهم من غير زيادة ولا نقصان دل أنه أنما علمه باللَّه - تعالى - لا أنه أخذه من كتبهم، وهو ما ذكر في القصة أن اليهود سمعوا النبي يقرأ سورة يوسف، فقالوا: يا مُحَمَّد، من علمكها؟ قال: " اللَّه علمنيها " فعجبوا من قراءته إياها على ما كانت في كتبهم؛ دل أنه إنما عرفها باللَّه تعالى.
ثم يحتمل أن يكون آية لمن سأل عن حجة رسالته، أو هو آية لمن سأل عنها، والله أعلم.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (إِذْ قَالُوا لَيُوسُفُ وَأَخُوهُ أَحَبُّ إِلَى أَبِينَا مِنَّا وَنَحْنُ عُصْبَةٌ إِنَّ أَبَانَا لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (٨)
في الآية دلالة أن لا بأس للرجل أن يخص بعض ولده بالعطف عليه والميل إليه، إذا كان فيه معنى ليس ذلك في غيره؛ ولهذا قال أصحابنا: إنه لا بأس للرجل أن يخص بعض ولده بالهبة له أو الصدقة عليه إذا لم يقصد بها الجور على غيرهم من الأولاد.
ثم يحتمل تخصيص يعقوب يوسف وأخاه بالحب لهما وجوهًا: