وقرئ بالنون: (نرتع ونلعب).
قَالَ الْقُتَبِيُّ: نرتع، أي: نأكل؛ يقال: رتعت الإبل: إذا رعت، وارتعتها: إذا تركتها ترعى، ويقرأ نرتع، بكسر العين، والمراد منه أن نتحارس ويرعى بعضنا بعضًا؛ أي: يحفظه، ومنه يقال: رعاك اللَّه؛ أي: حفظك اللَّه.
وقوله: (يَرْتَعْ وَيَلْعَبْ) قالوا: يلعب فيما يحل ويسع من نحو الاستباق وغيره، وهو ما ذكروا: (إنَّا ذَهَبْنَا نَسْتَبِقُ وَتَرَكْنَا يُوسُفَ عِنْدَ مَتَاعِنَ)، واللعب في مثل هذا يحل، وقد روي -أيضًا- في الخبر أنه قال: " لا يحل اللعب إلا في ثلاث " وفيه: " معالجة الرجل فرسه أو قوسه، وملاعبة الرجل امرأته "، أخبر أنه لا يحل إلا ثلاث؛ واللَّه أعلم.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (قَالَ إِنِّي لَيَحْزُنُنِي أَنْ تَذْهَبُوا بِهِ وَأَخَافُ أَنْ يَأْكُلَهُ الذِّئْبُ وَأَنْتُمْ عَنْهُ غَافِلُونَ (١٣)
قال: إني ليحزنني، عند الواقع به والغائب عنه من النعمة التي أنعمها عليه؛ لأنه كان نعمة عظيمة له فات النظر إليه، فذكر الحزن على ما فات عنه، وذكر الخوف لما خاف وقوعه في وقت يأتي وما سيقع؛ فهذا تفسير قوله: (وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ)، لا يحزنون؛ لأنه موجود للحال، غير فائت (وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ)، أي: لا يخافون فوته؛ لأن خوف فوت النعمة [ينغص] على صاحبه النعمة، فآمنهم على ذلك، وهو ما ذكرنا أن الحزن يكون بالواقع للحال، والخوف على ما سيقع، واللَّه أعلم.


الصفحة التالية
Icon