باعوا حرًّا، وبيع الحر حرام، وأخذوا ثمنه ظلمًا حرامًا؛ لأن ثمن الحرّ حرام.
وقَالَ بَعْضُهُمْ: (بِثَمَنٍ بَخْسٍ دَرَاهِمَ) أي: دراهم مبهرجة وزيف.
(وَكَانُوا فِيهِ مِنَ الزَّاهِدِينَ)
أي: كانت السيارة في يوسف من الزاهدين؛ حيث باعوه بثمن الدون والنقصان بما لا يباع مثله بمثل ذلك الثمن؛ خشية أن يجيئهم طالب؛ لما علموا أن مثل هذا لو كان مملوكًا لا يترك هكذا لا يطلب، فباعوه بأدنى ثمن يكون لهم، لا كما يبيع الرجل ملكه على رغبة منه؛ خشية الطلب والاستنقاذ من أيديهم.
وقال عامة أهل التأويل: قوله: (وَشَرَوْهُ بِثَمَنٍ): إن إخوة يوسف هم الذين باعوه من السيارة (بِثَمَنٍ بَخْسٍ دَرَاهِمَ مَعْدُودَةٍ وَكَانُوا فِيهِ مِنَ الزَّاهِدِينَ)، أي: لم يعرفوا منزلته ومكانه.
والأول أشبه.
وقوله: (وَكَانُوا فِيهِ مِنَ الزَّاهِدِينَ).
أي: كانوا في شرائه من الزاهدين؛ لما خافوا ذهاب الثمن إن كان مسروقًا.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَقَالَ الَّذِي اشْتَرَاهُ مِنْ مِصْرَ لِامْرَأَتِهِ أَكْرِمِي مَثْوَاهُ... (٢١)
أي: مقامه ومنزلته.
(عَسَى أَنْ يَنْفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا).
إن صدق التجار أنه بضاعة عندهم. (أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا).
إن ظهر أنه مسروق، وأنه حر؛ لما وقع عندهم أن البضاعة لا تباع بمثل ذلك الثمن الذي باعوه.
وقوله: (وَكَذَلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الْأَرْضِ) تأويله - واللَّه أعلم -: كما مكنا ليوسف عند العزيز وامرأته كذلك نمكنك عند أهل الأرض، ولكن ذكر (مَكَّنَّا) على الخبر؛ لأنه كان ممكنًا في ذلك اليوم عند العزيز والملك.
ويشبه أن يكون قوله: (مَكَّنَّا)، أي: كذلك جعلنا ليوسف مكانًا ومنزلة عند الناس، وفي قلوبهم مكان ما خذله إخوته، ولم يعرفوا مكانه ومنزلته وبعد ما كان شبه المملوك عند أُولَئِكَ، واللَّه أعلم.