(وَقَالَتِ اخْرُجْ عَلَيْهِنَّ) ومثل هذا قد يكون في الكلام.
وجائز أن يكون قوله: (اخْرُجْ عَلَيْهِنَّ)، أي: عنهن، وذلك جائز في اللغة: (على) مكان (عن) كقوله: (إِذَا اكْتَالُوا عَلَى النَّاسِ) أي: عن الناس، وأمثاله كثير.
وفي هذه الآية دلالة أن مشتري يوسف كان يمنع يوسف عن أن يخرج إلى البلد والسوق، ومن أن تخالطه الناس: إما إشفاقًا على نفسه، أو لئلا يفتن به النساء، أو لئلا يطلع على نفس يوسف؛ لما وقع عنده أنه مسروق، فكيفما كان ففيه: أن على المرء أن يحفظ ولده أو عبده إشفاقًا عليه.
وقوله: (فَلَمَّا رَأَيْنَهُ أَكْبَرْنَهُ).
أي: أكبرنه وأعظمنه من حسنه أن يكون مثل هذا بشرًا؛ ألا ترى أنهن قلن: (حَاشَ لِلَّهِ مَا هَذَا بَشَرًا إِنْ هَذَا إِلَّا مَلَكٌ كَرِيمٌ)
وقوله: (وَقَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ)؛ قيل: حزًّا بالسكين.
قوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَقُلْنَ حَاشَ لِلَّهِ مَا هَذَا بَشَرًا إِنْ هَذَا إِلَّا مَلَكٌ كَرِيمٌ).
(حَشَ لِلََّهِ): قال أهل التأويل: أي: معاذ اللَّه.
وقَالَ بَعْضُهُمْ: (حَاشَ لِلَّهِ): كلمة تنزيه من القبيح، ودل هذا القول منهن أنهن كن يؤمِنَّ باللَّه؛ حيث قلن: (حَاشَ لِلَّهِ مَا هَذَا بَشَرًا إِنْ هَذَا إِلَّا مَلَكٌ كَرِيمٌ).
قوله: (مَا هَذَا بَشَرًا إِنْ هَذَا إِلَّا مَلَكٌ كَرِيمٌ).
كان الملك وإن لم يرونه حَسنًا عندهم، ينسبون كل حسن إلى الملائكة، والشيطان - لعنه اللَّه - عندهم قبيح؛ فنسبوا كل قبيح إليه.
وقوله: (بَشَرًا).
قرأه بعضهم: (بشرًى) بالتنوين، أي: ما هذا بمشترى.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (قَالَتْ فَذَلِكُنَّ الَّذِي لُمْتُنَّنِي فِيهِ وَلَقَدْ رَاوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ فَاسْتَعْصَمَ وَلَئِنْ لَمْ يَفْعَلْ مَا آمُرُهُ لَيُسْجَنَنَّ وَلَيَكُونًا مِنَ الصَّاغِرِينَ (٣٢)


الصفحة التالية
Icon