ويقال: الأمة: القامة أيضًا؛ يقال: فلان حسن الأمة؛ أي: حسن القامة، ويقال: الأمم: القريب.
فهو يحتمل هاهنا الوجهين اللذين ذكرناهما؛ أي: ذكر بعد حين ووقت، أو بعد نسيان؛ من درأه بالنصب، واللَّه أعلم.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (أَنَا أُنَبِّئُكُمْ بِتَأْوِيلِهِ).
معناه: أي أنا أنبئكم ببيان تأويلها لا أنه كان ينبئهم هو بنفسه؛ ألا ترى أنه قال: (فَأَرْسِلُونِ). (يوُسُفُ... (٤٦) فيه إضمار؛ كأنه قال: فأرسلوني إلى يوسف، وليس في تلاوة الآية أنه أرسل إليه، ولا إتيانه إليه، ولكن فيه دليل أنه أرسل إليه فأتاه؛ فلما أتاه قال له: (أَيُّهَا الصِّدِّيقُ).
قيل: الصديق: هو كثير الصدق؛ كما يقال: شِرِّيب وفِسِّق وسِكِّير؛ إذا كثر ذلك منه، والصديق: هو الذي لم يؤخذ عليه كذب قط، أو سماه صديقًا لما عرف أنه رسول اللَّه، وهو ما قال في إبراهيم (إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا نَبِيًّا).
أو يقول: (أَنَا أُنَبِّئُكُمْ بِتَأْوِيلِهِ) أي: أنا أتعلم منه؛ فأنبئكم بتأويله.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (أَفْتِنَا فِي سَبْعِ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ وَسَبْعِ سُنْبُلَاتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يَابِسَاتٍ).
فأفتاها له وعبرها عليه؛ وهو ما قال: (تَزْرَعُونَ سَبْعَ سِنِينَ دَأَبًا) إلى آخر ما ذكر.
وقوله: (ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ سَبْعٌ شِدَادٌ يَأْكُلْنَ مَا قَدَّمْتُمْ لَهُنَّ إِلَّا قَلِيلًا مِمَّا تُحْصِنُونَ).
هذا تفسير رؤيا الملك للذي سأله.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (لَعَلِّي أَرْجِعُ إِلَى النَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَعْلَمُونَ).
هذا يحتمل وجوهًا:
يحتمل: يعلمون أن هذه الرؤيا حق ولها حقيقة؛ ليس كما قال أُولَئِكَ: أضغاث أحلام.
والثاني: يعلمون فضلك على غيرك من الناس، أو يعلمون أنك تصلح لحاجاتهم التي في حال يقظتهم؛ فرفعونها إليك؛ كما أصلحت ما كان لهم في حال نومهم، ثم علمهم الزراعة، وجمع الطعام والادخار أن كيف يذخر حتى يبقى إلى ذلك الوقت، فقال: