وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَلَا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ).
أي: لا نضيع أجر من أحسن صحبة اللَّه في الدنيا والآخرة؛ أي نجزيه جزاء إحسانه أو يقول: ولا نضيع أجر من أحسن صحبة نعم اللَّه وقبلها بالشكر له.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَلَأَجْرُ الْآخِرَةِ خَيْرٌ لِلَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ (٥٧)
أي ثواب الآخرة وأجرها خير لهم من ثواب الدنيا وأجرها.
وقوله: (آمَنُوا).
صدقوا.
(وَكَانُوا يَتَّقُونَ) الشرك. (آمَنُوا) صدقوا؛ (وَكَانُوا يَتَّقُونَ) المعاصي والفواحش.
* * *
قوله تعالى: (وَجَاءَ إِخْوَةُ يُوسُفَ فَدَخَلُوا عَلَيْهِ فَعَرَفَهُمْ وَهُمْ لَهُ مُنْكِرُونَ (٥٨) وَلَمَّا جَهَّزَهُمْ بِجَهَازِهِمْ قَالَ ائْتُونِي بِأَخٍ لَكُمْ مِنْ أَبِيكُمْ أَلَا تَرَوْنَ أَنِّي أُوفِي الْكَيْلَ وَأَنَا خَيْرُ الْمُنْزِلِينَ (٥٩) فَإِنْ لَمْ تَأْتُونِي بِهِ فَلَا كَيْلَ لَكُمْ عِنْدِي وَلَا تَقْرَبُونِ (٦٠) قَالُوا سَنُرَاوِدُ عَنْهُ أَبَاهُ وَإِنَّا لَفَاعِلُونَ (٦١) وَقَالَ لِفِتْيَانِهِ اجْعَلُوا بِضَاعَتَهُمْ فِي رِحَالِهِمْ لَعَلَّهُمْ يَعْرِفُونَهَا إِذَا انْقَلَبُوا إِلَى أَهْلِهِمْ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (٦٢)
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَجَاءَ إِخْوَةُ يُوسُفَ فَدَخَلُوا عَلَيْهِ فَعَرَفَهُمْ وَهُمْ لَهُ مُنْكِرُونَ).
لما أراد اللَّه أن يبلغ أمر يوسف؛ فيما أراد أن يبلغ جعلهم بحيث لا يعرفونه؛ لذلك قال: (فَعَرَفَهُمْ وَهُمْ لَهُ مُنْكِرُونَ) أي: لا يعرفونه؛ كقوله: (قَوْمٌ مُنْكَرُونَ) أي: غير معروفين عند إبراهيم، والمنكر: هو الذي لا يعرف في الشرع ولا في العقل.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: [(وَلَمَّا جَهَّزَهُمْ بِجَهَازِهِمْ قَالَ ائْتُونِي بِأَخٍ لَكُمْ مِنْ أَبِيكُمْ أَلَا تَرَوْنَ أَنِّي أُوفِي الْكَيْلَ وَأَنَا خَيْرُ الْمُنْزِلِينَ (٥٩)]
أي: أعطى لهم الطعام الذي طلبوا منه.
قال أَبُو عَوْسَجَةَ: الجهاز: المتاع. والجهاز -أيضًا-: متاع المرأة التي تجهز به، ولا يقال: جِهاز بخفض الجيم.
وقال أهل التأويل: إن يوسف - عليه السلام - قال لهم حين دخلوا عليه أنتم عيون؛ بعثكم ملككم تنظرون إلى أهل مصر ثم تأتونه بالخبر وتأتونه بكذا.
ذلك مما لا نعلمه أنه قد كان قال لهم ذلك أم لا، وغير ذلك من الكلمات التي قالوا: إنه قال لهم كذا وقالوا هم له كذا، نحن كذا كذا رجلا؛ فهلك منا كذا، ولنا أب كذا: مثل