وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (يُفَصِّلُ الْآيَاتِ) يحتمل: يبين الحجج والبراهين.
ويحتمل: (يُفَصِّلُ الْآيَاتِ) أي: آيات القرآن أنزلها بالتفاريق؛ لا مجموعة.
(لَعَلَّكُمْ بِلِقَاءِ رَبِّكُمْ تُوقِنُونَ).
هو ما ذكرنا أن فيما ذكر من الآيات والتدبير؛ ورفع السماء بلا عمد؛ دلالة البعث والإحياء بعد الموت.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (بِلِقَاءِ رَبِّكُمْ) هو كما ذكرنا في قوله: (إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا) ومصير هم وبروزهم؛ وأمثاله. واللَّه أعلم.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَهُوَ الَّذِي مَدَّ الْأَرْضَ... (٣) وقال في آية أخرى: (وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا)، وقال في موضع آخر: (وَإِلَى الْأَرْضِ كَيْفَ سُطِحَتْ)، وكله واحد، وقال: (الْأَرْضَ فِرَاشًا)، و (مِهَادًا).
يذكرهم نعمه التي أنعمها عليهم.
(مَدَّ الْأَرْضَ) أي: بسطها وجعل فيها رواسي؛ ذكر أنها بسطت على الماء؛ فكانت تكفو بأهلها وتضطرب؛ كما تكفو السفينة؛ فأرساها بالجبال الثقال؛ فاستقرت وثبتت.
وذُكر أنها مدت وبسطت على الهواء؛ ثم أثبتها بما ذكر من الجبال، ولكن لو كان أنها ما ذكر؛ لكان يجيء ألا يكون بالجبال ثباتها واستقرارها؛ لأن الأرض والجبال من طبعها التسفل والانحدار في الماء والهواء؛ وكلما زيد من ذلك النوع كان في التسفل والانحدار أكثر وأزيد، فلا يكون بها الثبات والاستقرار؛ بل إنما يكون الثبات والاستقرار بشيء من طبعه العلو والارتفاع؛ فيمنع ذلك الشيء الذي من طبعه العلو عن التسفل والانحدار؛ إلا أن يقال: إنها كانت لا تتسفل ولا تتسرب؛ ولكن تضطرب وتميد بأهلها؛ على ما ذكره - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَجَعَلْنَا فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِهِمْ)، فإن كان