وأما نعمه فهو ما ذكر.
(لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوءًا فَلَا مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَالٍ (١١)
وقوله: (لَهُ مُعَقِّبَاتٌ) قَالَ بَعْضُهُمْ: هم الأمراء، والشرط الذي يحفظونه في ظواهر من أمره؛ يخبر أنه محفوظ عليه الخفيات من أمره؛ حيث قال: (سَوَاءٌ مِنْكُمْ مَنْ أَسَرَّ الْقَوْلَ وَمَنْ جَهَرَ بِهِ...) الآية؛ حيث أخبر أنه يعلم ذلك ومحفوظ عليه الظواهر من أمره.
وقَالَ بَعْضُهُمْ: (لَهُ مُعَقِّبَاتٌ): الملائكة الذين يحفظونه، وعلى ذلك روي في الخبر عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - قال: " يجتمعون فيكم عند صلاة العصر وصلاة الصبح يحفظونه من بين يديه ومن خلفه "، مثل قوله: (عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ)، قال: الحسنات من بين يديه والسيئات من خلفه؛ الذي عن يمينه.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (لَهُ مُعَقِّبَاتٌ) يحتمل قوله: (لَهُ)، أي: لله معقبات يحفظونه، ويحتمل: (لَهُ) من كل ذكر وأنثى؛ يكون مثله قوله: (يَعْلَمُ مَا تَحْمِلُ كُلُّ أُنْثَى).
وقوله: (يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ) يحتمل قوله: (يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ)، أي: يحفظون نفسه من البلايا والنكبات التي تنزل على بني آدم؛ فإن كان في حفظ نفسه فقوله من أمر اللَّه؛ أي: من عذاب اللَّه وبلاياه؛ كقوله: (حَتَّى إِذَا جَاءَ أَمْرُنَا)، وهو عذابنا.
ويحتمل قوله: يحفظون أعماله؛ بأمر اللَّه، ثم يحتمل قوله: (مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ) وجوهًا: يحتمل: من بين يديه: الخيرات التي يعملها، ومن خلفه: الشرور والسيئات، ويحتمل قوله: (مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ): ما قذم من الأعمال، (وَمِنْ خَلْفِهِ): ما بقي وأخر؛ كقوله: (عَلِمَتْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ وَأَخَّرَتْ)، ويحتمل (مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ): ما مضى من الوقت، (وَمِنْ خَلْفِهِ): ما بقي. واللَّه أعلم.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ).