إن كان أهل الكبائر في قوله: (لَهَا سَبْعَةُ أَبْوَابٍ) فيكون قوله: إن المتقين الذين اتقوا الكبائر؛ وإن كان أصحاب الكبائر لم يدخلوا في قوله: (لَهَا سَبْعَةُ أَبْوَابٍ)، فيكون قوله: (إِنَّ الْمُتَّقِينَ) للذين اتقوا الشرك.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (فِي جَنَّاتٍ).
أي: في: بساتين، والبساتين: هي التي التقت بالأشجار والنخيل.
والعيون قد تكون جارية في الدنيا، وقد تكون غير جارية، فأخبر في آية أخرى بأن عيون الآخرة تكون جارية؛ بقوله: (فِيهِمَا عَيْنَانِ تَجْرِيَانِ).
(وَعُيُونٍ): قَالَ بَعْضُهُمْ: ذكر العيون؛ ليعلم أن مياه الجنة - ليست تكون من الثلوج والأنهار العظام - على ما تكون في الدنيا - ولكن تنبع فيها.
وقَالَ بَعْضُهُمْ: ذكر العيون؛ لأنه ينبع في بستان كل أحد عين على حدة، لا يأتي بستانه من ملك آخر، ومن بستان آخر، على ما يكون في الدنيا؛ ولكن تنبع في جنة كل أحد عين على حدة، على ما أراد اللَّه، ليس أنها تتصل بالأرض؛ كما ذكر في قصّة بني إسرائيل: (فَانْفَجَرَتْ مِنْهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْنًا)، أنشأ اللَّه في ذلك الحجر ما يخرج لهم على غير اتصاله بالأرض، ولكن بلطفه ينشئ فيه ماء، فعلى ذلك في الجنان التي وعد.
ويشبه أن يكون ذكر هذا لما يختلف رغائب الناس في الدنيا: منهم من يرغب في العين؛ ويتلذذ بالنظر إليها، ومنهم من يرغب في النهر الجاري، فذكر مرة العيون، ومرة الأنهار؛ كقوله: (تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ)، على ما ذكر مرة الخيام، والقباب، والغرف، وأنواع الفرش والبسط، والكيزان والأكواب، والجواري والغلمان، وغير ذلك على ما يرغب الناس في الدنيا: منهم من يرغب في نوع لا يرغب في نوع آخر؛ فذكر فيها كل ما يرغبون في الدنيا؛ ليبعثهم ذلك على العمل الذي به يوصل إلى ذلك. واللَّه أعلم.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (ادْخُلُوهَا بِسَلَامٍ آمِنِينَ (٤٦)
قَالَ بَعْضُهُمْ: قوله: (ادْخُلُوهَا بِسَلَامٍ آمِنِينَ): أي: اجعلوا دخولكم فيها بسلام؛ على ما أمرهم في الدنيا أن يجعلوا الدخول في المنازل بالسلام؛ كقوله: (فَإِذَا دَخَلْتُمْ بُيُوتًا فَسَلِّمُوا


الصفحة التالية
Icon