وقَالَ بَعْضُهُمْ: زكاة، أي: صلاحًا وما ينمو به من الخيرات.
وجائز أن يكون الزكاة اسم كل خير وبركة، وهو كالبر من التقوى، كأنه قال: أعطيناه كل بر وخير.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَكَانَ تَقِيًّا) عن جميع الشرور، كقوله: (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى)، أي: تعاونوا على البرّ وتعاونوا أيضا على دفع الشرور.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَبَرًّا بِوَالِدَيْهِ... (١٤) هو على قوله: (وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا) أي: وآتيناه البرّ بوالديه.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَلَمْ يَكُنْ جَبَّارًا عَصِيًّا).
بل كان خاضعًا لله ذليلًا مطيعًا.
وقال الحسن: (وَلَمْ يَكُنْ جَبَّارًا عَصِيًّا)، أي: لم يكن فيمن يجبر الناس على معصية اللَّه.
وقال أهل التأويل: (وَلَمْ يَكُنْ جَبَّارًا) أي: قَتَّالًا، أي: لم يكن ممن يقتل على الغضب ويضرب على الغضب.
وأصله ما ذكرنا: أنه كان - على ضد ما ذكر - خاضعًا لله، مطيعًا له، على ما ذكر أنه لم يرتكب ذنبًا ولا همَّ به.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَسَلَامٌ عَلَيْهِ يَوْمَ وُلِدَ وَيَوْمَ يَمُوتُ وَيَوْمَ يُبْعَثُ حَيًّا (١٥)
يحتمل: (السلام عليه) الوجوه الثلاثة:
أحدها: هو اسم كل بر وخير، أي: عليه كل بر وخير في هذه الأحوال التي ذكر.
والثاني: (السلام) هو الثناء، أثنى اللَّه عليه في أوّل أمره إلى آخره، وبعد الموت في الآخرة، أو أن يكون قوله: (وَسَلَامٌ عَلَيْهِ) أي: السلامة عليه في هذه الأحوال التي يكون للشيطان في تلك الأحوال الاعتراض والنزغ فيها؛ لأنه وقت الولادة يعترض ويفسد الولد إن وجد السبيل إليه، وكذلك عند الموت يعترض ويسعى في إفساد أمره فأخبر أن يحيى كان سليمًا سالمًا عن نزغات الشيطان، محفوظًا عنه حتى لم يرتكب خطيئة، ولا هم بها، واللَّه أعلم.
وفي قوله: (وَيَوْمَ يَمُوتُ) دلالة أن الموت والقتل سواء، وإن كان في الحقيقة مختلفًا؛ لأنه ذكر في القصة أن يحيى قتل، ثم ذكر الموت، فدل أنهما واحد، فهذا يرد على


الصفحة التالية
Icon