هذا الكلام يخرج على وجهين:
أحدهما: على إنكار البعث: (لَسَوْفَ أُخْرَجُ حَيًّا) أي: ما أخرج حيًّا.
والثاني: على التهزؤ والهزء، جواب ما قال لهم أهل الإسلام: إنكم تبعثون وتحيون، فقالوا عند ذلك: ذلك على التهزؤ بهم والسّخرية.
ثم ذكرهم بدء حالهم حيث لم يكونوا شيئًا فخلقهم فقال: (أَوَلَا يَذْكُرُ الْإِنْسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِنْ قَبْلُ وَلَمْ يَكُ شَيْئًا (٦٧) فإن قدر على خلقه في الابتداء ولم يك شيئًا كان على إحيائه وبعثه بعدما كان شيئًا أقدر.
ثم أقسم أنهم يبعثون فقال: (فَوَرَبِّكَ لَنَحْشُرَنَّهُمْ وَالشَّيَاطِينَ ثُمَّ لَنُحْضِرَنَّهُمْ حَوْلَ جَهَنَّمَ جِثِيًّا (٦٨) أي: لَنجعلهم والشياطين الذين أضلّوهم، كقوله: (احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْوَاجَهُمْ وَمَا كَانُوا يَعْبُدُونَ (٢٢) مِنْ دُونِ اللَّهِ...) الآية.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (ثُمَّ لَنُحْضِرَنَّهُمْ حَوْلَ جَهَنَّمَ جِثِيًّا):
قَالَ بَعْضُهُمْ: (جِثِيًّا): جماعات، كقوله: (وَسِيقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ زُمَرًا).
وقَالَ بَعْضُهُمْ: (جِثِيًّا) وعلى الركب؛ لأن أقدامهم لا تحمل؛ لشدة هول ذلك اليوم.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (ثُمَّ لَنَنْزِعَنَّ مِنْ كُلِّ شِيعَةٍ أَيُّهُمْ أَشَدُّ عَلَى الرَّحْمَنِ عِتِيًّا (٦٩)
قَالَ بَعْضُهُمْ: الشيعة: الصنف، أي: من كل صنف، والشيعة: الأتباع، كقوله: (هَذَا مِنْ شِيعَتِهِ وَهَذَا مِنْ عَدُوِّهِ)، أي: من أتباعه.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (أَيُّهُمْ أَشَدُّ عَلَى الرَّحْمَنِ عِتِيًّا)، أي: تمردًا وعنادًا، والعاتي: هو القاسي المتمرد في عُتُوّه.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (ثُمَّ لَنَنْزِعَنَّ)، أي: لنخرجنَّ، أي: نبدأ بهم من كان منهم أشد على الرحمن تمردًا وعنادًا وهم القادة والرؤساء منهم، فيقذفون في النَّار أولًا، ثم الأمثل فالأمثل على المراتب التي كانوا في الدّنيا.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (ثُمَّ لَنَحْنُ أَعْلَمُ بِالَّذِينَ هُمْ أَوْلَى بِهَا صِلِيًّا (٧٠) أي: أعلم بمن أولى بها