حارة محرقة للكفار والظلمة.
قال الحسن: لا يحتمل أن يدخل أهل الإيمان النار؛ لأن اللَّه - عَزَّ وَجَلَّ - آمن المؤمنين أن يكون عليهم خوف أو حزن بقوله: (لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ) فلو كانوا يدخلون النار، لكان لهم خوف وحزن، وقد أخبر أن (لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ) دل أنهم لا يدخلونها.
وجائز أن يكونوا واردين جميعًا، داخلين فيها، لا دخول تعذيب فيها وعقاب؛ لأنه ذكر أن ممرهم جميعًا على الصراط لجهنم كالسطح للدار؛ كمن حلف ألا يدخل دارًا فتسور بسورها أو صعد سطحًا من سطوحها حنث ويصير داخلًا فيها؛ فعلى ذلك جائز أنهم إذا مروا على الصراط نجا أهل الإيمان فمروا به، وتزل أقدام الكفار فيها؛ فبقوا فيها، فكان الفريقان يوصفان بالدخول على الوجه الذي وصفنا.
وقَالَ بَعْضُهُمْ: ورود المسلمين: المرور بهم على الجسر بين أظهرها، وورود المشركين: أن يدخلوها. وقال النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -: " الزالُّونَ والزالات " وما ذكر الحسن أنه من المرسلين ألا يكون عليهم خوف ولا حزن، فجائز أن يكون اللَّه يدخلهم فيها على غير جهة العقوبة فلا يكون لهم خوف ولا حزن، ألا ترى أنه أخبر أنه جعل الملائكة أصحاب النار بقوله: (وَمَا جَعَلْنَا أَصْحَابَ النَّارِ إِلَّا مَلَائِكَةً)، ثم لا يكون لهم خوف ولا حزن وهم ممن أوعدوا بها إذا خالفوا أمر اللَّه وعصوه بقوله: (وَمَنْ يَقُلْ مِنْهُمْ إِنِّي إِلَهٌ مِنْ دُونِهِ فَذَلِكَ نَجْزِيهِ جَهَنَّمَ...) الآية؛ ألا ترى أنه أخبر أن أهل الجنة يطلعون على أهل النار ثم لا يخافون ولا يحزنون بقوله: (فَاطَّلَعَ فَرَآهُ فِي سَوَاءِ الْجَحِيمِ) وهم في الدنيا إذا اطلعوا عليها لا شك أنهم يخافون ويحزنون ويسوءهم ذلك أشد الخوف ثم في الآخرة لا، فعلى ذلك جائز أن يكونوا يرِدُونها ويدخلونها ولا يخيفهم ذلك ولا يحزنهم ولا يسوءهم، واللَّه أعلم بذلك.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْمًا مَقْضِيًّا) أي:
قضاء واجبًا، (ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا | (٧٢) الشرك والفواحش (وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيًّا) على ركبهم. |
قوله تعالى: (وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا أَيُّ الْفَرِيقَيْنِ خَيْرٌ مَقَامًا وَأَحْسَنُ نَدِيًّا (٧٣) وَكَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْنٍ هُمْ أَحْسَنُ أَثَاثًا وَرِئْيًا (٧٤) قُلْ مَنْ كَانَ فِي الضَّلَالَةِ فَلْيَمْدُدْ لَهُ