لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى) و (هَؤُلَاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ)؛ طمعوا بعبادتهم النصر والشفاعة في الآحزة.
وأمَّا في الدنيا ظنوا أن آلهتهم التي عبدوها ينصرونهم في الدنيا، حيث قالوا: (إِنْ نَقُولُ إِلَّا اعْتَرَاكَ بَعْضُ آلِهَتِنَا بِسُوءٍ)، فكيفما كان فقد رد اللَّه عليهم ما طمعوا منها - عزُّا كان أو نصرًا - بقوله: (كَلَّا)؛ لأنهم أذلّوا أنفسهم لخشب، وحنوا ظهورهم لها، فكفى بذلك ذلًّا وصغارًا.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (سَيَكْفُرُونَ بِعِبَادَتِهِمْ... (٨٢)
قال الحسن: سجكفر عبّاد الأصنام في الدنيا بمن عبدوه في الآخرة أنهم ما كفروا وما عبدوها، كقوله: (ثُمَّ لَمْ تَكُنْ فِتْنَتُهُمْ إِلَّا أَنْ قَالُوا وَاللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ)، ينكرون في الآخرة أن يكونوا أشركوا معه غيره أو عبدوا دونه.
وقال غيره من أهل التأويل: سيكفر المعبودون بالعابدين لهم، ويتبرءون منهم، وهو كقوله: (وَقَالَ شُرَكَاؤُهُمْ مَا كُنْتُمْ إِيَّانَا تَعْبُدُونَ)، وقوله: (فَأَلْقَوْا إِلَيْهِمُ الْقَوْلَ إِنَّكُمْ لَكَاذِبُونَ) ونحوه.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَيَكُونُونَ عَلَيْهِمْ ضِدًّا):
قَالَ بَعْضُهُمْ: (ضِدًّا)، أي: عونًا، وتأويل العون: هو أن يلقى تلك الأصنام معهم في النار، فيحرقون فيها معهم، فيزداد لهم عذابًا؛ فكانت على إحراقهم، وعلى هذا يخرج.
وقول من يقول: الضد: البلاء، أي. يكونون بلاء عليهم على ما ذكرنا وهو ما قال: (إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ...) الآية، فإذا صاروا حصبًا كانوا بلاء وعونًا على إحراقهم.
وقَالَ بَعْضُهُمْ: (وَيَكُونُونَ عَلَيْهِمْ ضِدًّا): أي: قرناء في النار بعضهم بعضًا، ويتبرأ بعضهم من بعض، ويخاصم بعضهم بعضًا، ويكذب بعضهم بعضًا؛ فذلك كله ضد عليهم، ضدّ ما طمعوا منها؛ لأنهم عبدوها في الدُّنيَا رجاء أن يكونوا لهم شفعاء في الآخرة ونصراء، فكانوا لهم على ضد ذلك أعداء.
وقال ابن عبَّاسٍ: يكونون ضدًّا: أي: حسرة، وكله واحد.


الصفحة التالية
Icon