بمعنى: خلق على التمثيل بفعل الخلق فيما يتلو فعلهم فعلًا أن يكون بالقصد، وإن كان لا يقال له القصد، ولا قوة إلا باللَّه.
ثم الوجه في ذلك لو كان على الاستيلاء، والعزيز الملك أنه مستولي على جميع خلقه، وعلى هذا التأويل المحمول غير هذا، يدل على الأمرين قوله: (وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ) بمعنى: الملك العظيم، وفيه إثبات عروش غيره، فذلك يحتمل ما يحمل ويحف به الملائكة، واللَّه الموفق.
وأمَّا على تأويل التمام والعلو، فهو أن اللَّه تعالى قال: (قُلْ أَئِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ...) الآية، فأخبر بخلق ما ذكر في ستة أيام على التفاريق، ثم أجملها في موضع، فقال: (إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ...) إلى قوله: (ثُمَّ اسْتَوَى) بمعنى خلق الممتحن من خلق الأرض والسماوات فبهم ظهر تمام الملك، وعلا، وارتفع؛ إذ هم المقصودون من خلق ما بينا، فبذلك تم معنى الملك وعلا؛ إذ وصل إلى الذين لهم خلقوا وقد قيل ذا في خلق البشر خاصة بقوله: (هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا...) الآية، وقوله: (لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ)، ونحوه.
وذكر عن ابن عَبَّاسٍ: أن البشر خلق اليوم السابع فبه التمام والعلو؛ إذ خلق لهم كل شيء وخلقهم لعبادة اللَّه، وألحق بهم الجن بقوله: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ...) الآية لكن المقصود البشر؛ إذ تسخير ما ذكرت كله إنما يرجع إلى منافعهم، واللَّه الموفق.
والأصل عندنا في ذلك: أن اللَّه - عَزَّ وَجَلَّ - قال: (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ) فنفى عن نفسه شبه خلقه، وقد بينا أنه في فعله وصفته متعال عن الأشباه؛ فيجب القول بـ (الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى) على ما جاء به التنزيل، وينفي عنه شبه الخلق لما أضاف إليه، وإذ لزم القول في اللَّه بالتعالي عن الأشباه ذاتًا وفعلًا، لم يجز أن يفهم من الإضافة إليه المفهوم من غيره في الوجود، واللَّه الموفق، وقد ذكرنا هذا في غير موضع من القرآن.
وفي قوله: (لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَمَا تَحْتَ الثَّرَى (٦) الوصف له بالسلطان والقدرة والملك على ما ذكرنا.
وفي قوله: (وَإِنْ تَجْهَرْ بِالْقَوْلِ فَإِنَّهُ يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى) الوصف له بالعلم في الغيب والسر والعلانية جميعًا؛ ليكونوا أبدًا على حذر وخوف ويقظة في جميع أفعالهم وأقوالهم، وفي