وقَالَ الْقُتَبِيُّ: (لَا تَخَافُ دَرَكًا) أي: لحاقًا.
وقوله: (فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ بِجُنُودِهِ) أي: لحقهم.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ قَدْ أَنْجَيْنَاكُمْ مِنْ عَدُوِّكُمْ وَوَاعَدْنَاكُمْ جَانِبَ الطُّورِ الْأَيْمَنَ وَنَزَّلْنَا عَلَيْكُمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوَى (٨٠)
هذا خبر يخبر عما أنعم عليهم ومن على أوائلهم وآبائهم من حضر رسول اللَّه، يذكر هَؤُلَاءِ بما أنعم ومَنَّ على أُولَئِكَ، وإلا لم يكن هَؤُلَاءِ يومئذ، وفيه تذكير النعم والمنن على الصحابة في أواخر أمورهم؛ لأنه أمنهم في آخر أمرهم من عدوهم وأيأسهم عن عود هَؤُلَاءِ إلى دينهم.
وفيه تذكير لنا فيما أنعم علينا ومَنَّ في أوائل أمورنا وآخرها، ليس التذكير لبني إسرائيل خاصة، ولكن لكل من أنعم عليه.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَوَاعَدْنَاكُمْ جَانِبَ الطُّورِ الْأَيْمَنَ).
لسنا ندري أن الأيمن هو اسم ذلك الجبل، أو سماه الأيمن؛ ليمنه وبركته، وقال - عز وجل - في آية أخرى: (فَلَمَّا أَتَاهَا نُودِيَ مِنْ شَاطِئِ الْوَادِ الْأَيْمَنِ).
أو سماه الأيمن من يمين موسى عليه السلام.
فإن كان هو من اليمن والبركة فهو كذلك؛ لأنه به كان بدء وحي موسى عليه السلام.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَنَزَّلْنَا عَلَيْكُمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوَى).
يذكر هَؤُلَاءِ ما وسع على أوائلهم من الرزق وأخصهم؛ ليستأدي بذلك الشكر على ما أنعم عليهم، وذلك تذكير لنا ولمن وسع عليه ذلك؛ إذ لم يزل علينا يوسع الرزق من أول عمرنا إلى آخره.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَلَا تَطْغَوْا فِيهِ فَيَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبِي وَمَنْ يَحْلِلْ عَلَيْهِ غَضَبِي فَقَدْ هَوَى (٨١)
أي: قلنا لهم: كلوا من طيبات ما رزقناكم.
ثم يحتمل وجهين:
أحدهما: أن يكون قوله: (طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ) أي: من حلالات ما رزقناكم، فإن كان على هذا ففيه دلالة أنه يرزق ما ليس بحلال.
والثاني: (مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ) أي: ما تطيب به أنفسكم، ففيه دلالة أنه يجوز لنا أن نختار من الأطعمة ما هو أطيب إن كان على ما تستطيب به الأنفس.
وقوله تعالى: (وَلَا تَطْغَوْا فِيهِ).
الطغيان: هو المجاوزة عن الحدود التي جعلت، أي: لا تطغوا فيما رزقكم من


الصفحة التالية
Icon