إلى أنفسهم وهم جماعة، وإلا لست أعرف لتأنيث فتح السد وجها، واللَّه أعلم.
وقوله: (وَهُمْ مِنْ كُلِّ حَدَبٍ) قيل: الحدب: الشيء المشرف.
وقيل: الحدب: كل ما ارتفع من الأرض.
وقيل: الحدب: الأكمة.
وقيل: (مِنْ كُلِّ حَدَبٍ): من كل جهة ومن كل مكان.
(يَنْسِلُونَ) قيل: يسر عون.
وقيل: يخرجون.
أخبر أنهم من كل، حدب، أي: من كل ناحية، ومن كل جهة يسرعون، كأنهم لما
سد عليهم ذلك السد، وحيل بينهم وبين ما يشتهون، أي: بين ما يتعيشون ويرتزقون من هذا العالم - تفرقوا في تلك الأمكنة لطلب ما يتعيشون به، فإذا بلغهم خبر فتح السد أتوا من كل جهة وناحية التي كانوا متفرقين فيها (يَنْسِلُونَ) يسرعون؛ لأنهم مذ سد عليهم السد في جهد من فتح ذلك السد، فلما فتح خرجوا مسرعين، وهو ما ذكر: (وَتَرَكْنَا بَعْضَهُمْ يَوْمَئِذٍ يَمُوجُ فِي بَعْضٍ).
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَاقْتَرَبَ الْوَعْدُ الْحَقُّ (٩٧) قوله: (اقْتَرَبَ) أي: وقع ووجب الوعد الحق؛ لأنه قد أخبر من قبل هذا الوقت أنه قد اقترب بقوله: (اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ)، و (اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ)، وهو كقوله: (إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ) ليس على القرب، ولكن على الوجوب، فعلى ذلك الأول يحتمل أن يكون إخبارًا عن الوقوع والوجوب.
وجائز أن يكون على القرب أيضًا، ويكون وجوبها ووقوعها في قوله: (فَإِذَا هِيَ شَاخِصَةٌ أَبْصَارُ الَّذِينَ كَفَرُوا) كقوله: (إِنمَا يُؤَخرُهُمْ لِيَوم تشخَصُ فِيهِ الأبصار...) الآية، وكقوله: (مُهْطِعِينَ إِلَى الدَّاعِ...) الآية.
وقوله: - عَزَّ وَجَلَّ -: (يَا وَيْلَنَا) أي: يقولون: يَا وَيْلَنَا (قَدْ كُنَّا فِي غَفْلَةٍ مِنْ هَذَا) كأنهم تذاكروا فيما بينهم: إنما كنا في غفلة من هذا، ثم تداركوا أنهم لم يكونوا في غفلة، ولكن قالوا: (بَلْ كُنَّا ظَالِمِينَ) في ذلك، ضالين؛ اعترفوا بالظلم والضلال.
وقوله: (إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ أَنْتُمْ لَهَا وَارِدُونَ (٩٨) يقال: إن حرف (مَن) يتكلم عن البشر وحرف (مَا) يتكلم عما سواهم من العالم، فإذا كان على هذا الذي