(وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ) هو طواف الزيارة، وهو طواف يوم النحر، وهو الفرض عندنا، ولا يحتمل ما قال بعض الناس: إنه طواف الصدر؛ لأن اللَّه تعالى قال: (وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ)، وحج الببت هو الطواف بالبيت لا غير، وطواف الدخول وطواف الصدر ليس على أهل مكة ذلك الطوافان، وعليهم الحج كما كان على غيرهم من النّاس؛ فدل ما ذكرنا على أن قوله: (وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ) هو طواف الزيارة، وهو حج البيت الذي قال اللَّه: (وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ). وقوله: (بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ) قَالَ بَعْضُهُمْ: سماه: عتيقًا؛ لأنه أعتقه عن الجبابرة عن أن يتجبروا عليه، وكم من جبار قد صار إليه ليهدمه فمنعه اللَّه عن ذلك.
وقَالَ بَعْضُهُمْ: سماه: عتيقًا؛ لأنه يرفع إلى السماء الرابعة، فذلك المرفوع هو البيت العتيق. والبيت العتيق - عندنا - هو الذي بناه إبراهيم - صلوات اللَّه عليه - وأسسه، ويكون قوله: (وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ) الذي أسسه إبراهيم، لا بالبيت الحادث الذي أحدثه الناس؛ ألا ترى أنه روي عن رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - أنه قال لعائشة: " لولا أنَّ قومك حَديثُو عَهْد بالإسْلام لرددت البيت على أساس إبراهيم، وجَعَلتُ لَهُ بابين: بابًا يدخل فيه، وبابًا يخرج منه "، وروي في بعض الأخبار يرويه عبد اللَّه بن الزبير قال: قال رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -


الصفحة التالية
Icon