يحتمل هذا وجهين:
أحدهما: القرآن يكون كناية عن صلاة الفجر، كأنه قال: أقم الصلاة لدلوك الشمس، وأقم -أيضًا- صلاة الفجر؛ لأنه نسق على الأول، ويحتمل قوله: (وَقُرْآنَ الْفَجْرِ)، أي: قراءة الفجر، أي: أقم قراءة الفجر.
ويجوز أن يقال: (القرآن) مكان (القراءة)، كقوله: (فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ) أي: قراءته.
ثم من الناس من احتج بفرضية القراءة في الصلاة بهذا؛ لأنه نسق على الأول على ما ذكرنا كأنه قال (أقم القراءة).
ومنهم من يقول: إنما حث على قراءة الفجر دون غيرها من الصلوات لما طول القراءة فيها لتقصيره عن الأربع؛ لأنه لم يجعل غيرها من الصلوات ركعتين فحث على قراءتها لهذا، واللَّه أعلم.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا).
قال عامة أهل التأويل: تشهده ملائكة الليل وملائكة النهار، أي: حرس الليل وحرس النهار، وعلى ذلك رويت الآثار عن رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - وعن الصحابة.
وقوله: (إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا): أي: قراءة الفجر تشهدها ملائكة الليل وملائكة النهار، على هذا حمله أهل التأويل، وعلى ذلك رويت الأخبار، وإلَّا جاز أن يقال فيه بوجه آخر: وهو أن تشهده القلوب والسمع والعقول؛ لأن ذلك الوقت هو وقت الفراغ عن جميع الأشغال والموانع التي تشغل عن الاستماع والفهم عنه ما لا يكون


الصفحة التالية
Icon