قال عامة أهل التأويل: لا تبديل لدين اللَّه، سماه: خلقا.
وعلى قول المعتزلة: له تبديل؛ لأنهم يقولون بأن فعل العبد ليس بمخلوق، ويحتالون في قوله (لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ)، أي: لا تبديل لما به يقع الدعاء إليه، أو كلام نحو هذا.
فيقال: إن الدِّين هو ما يدين المرء وهو فعله، مأخوذ من دان، يدين، ثم أخبر أنه خلق اللَّه؛ فدل أنه مخلوق.
وجائز أن يكون قوله: (لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ)، أي: لما فيه دلالة وحدانية اللَّه وشهادة ربوبيته؛ كقوله: (مَا تَرَى فِي خَلْقِ الرَّحْمَنِ مِنْ تَفَاوُتٍ).
أو لا تفاوت فيما فيه دلالة الوحدانية والشهادة له، واللَّه أعلم.
وقوله: (ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ).
أخبر أن ذلك الدِّين القيم بالحجج والبراهين ليس كدين أُولَئِكَ الكفرة أتباع الهوى.
أو أن يكون الدِّين القيم، أي: المستقيم على ما وصفه اللَّه أنه الدِّين الحنيف.
وقوله: (مُنِيبِينَ إِلَيْهِ وَاتَّقُوهُ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ (٣١) هو صلة قوله: (فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا) (مُنِيبِينَ إِلَيْهِ)، فهذا يدل على أن الخطاب بقوله: (فَأَقِمْ وَجْهَكَ) للكل؛ حيث قال: (مُنِيبِينَ إِلَيْهِ)، أي: أقبلوا إليه وأنيبوا له.
ثم الإنابة تقع فيما يفع به الأمر، كأنه يقول - واللَّه أعلم -: أنيبوا إلى اللَّه بما يأمركم به.
(وَاتَّقُوهُ).
عما نهاكم عنه، والتقوى من الإنابة كهي من البر، كقوله - تعالى -: (أَنْ تَبَرُّوا وَتَتَّقُوا)، بما يأمركم به، وتتقوه عما نهاكم عنه.
وقوله: (وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ).
هو يحتمل وجوهًا.
(أَقِيمُوا) أي: الزموا وداوموا فعلها إلى آخر ما تنتهون إليه، ليس على أن يقع الأمر بها مرة واحدة.
والثاني: (أَقِيمُوا) أي: أتموها بركوعها وسجودها والقراءة وغير ذلك.
والثالث: (أَقِيمُوا)، أي: وفوا إقامتها بأسبابها التي جعلت لها.
وفي الصلاة أحوال ثلاث: