وفيه أن الرسل الذين كانوا من قبل كانوا من البشر؛ فكيف تنكرون رسالة مُحَمَّد إذ كان من البشر.
وفيه: أنه قد أتى قومه بالبينات كما أتى أُولَئِكَ الرسل قومهم بالبينات.
وقوله: (وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ).
هو يخرج على وجهين:
أحدهما: أي: كان حقّا علينا جعل العاقبة للمؤمنين، لا أن يكون عليه حقًا نصر المؤمنين في الدنيا؛ ولكن جعل العاقبة للمؤمنين حقًا؛ كقوله: (وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ).
والثاني: كان حقًّا علينا نصر المؤمنين بالحجج التي أعطاهم، أي: كان حقا إعطاء الحجج لهم والنصر والمعونة بالحجج، أي: إعطاء الحجج لهم.
وقَالَ بَعْضُهُمْ: نصره إياهم: أنه أنجاهم مع الرسل، وأهلك أُولَئِكَ، واللَّه أعلم.
وقوله: (اللَّهُ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَابًا فَيَبْسُطُهُ فِي السَّمَاءِ كَيْفَ يَشَاءُ وَيَجْعَلُهُ كِسَفًا فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلَالِهِ فَإِذَا أَصَابَ بِهِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ (٤٨) كأنه يخبر عن قدرته وسلطانه؛ حيث أنشأ الرياح بحيث يجمع السحاب ويفرقه، ويبسطه ويجعله قطعًا: يمطر في مكان، ولا يمطر في مكان، يقول - واللَّه أعلم -: إن من قدر أن يسلط الرياح في جمع السحاب، وتفريقه - يملك تسليط الرياح على تعذيبكم، ويقول: إن المعبود المستحق للعبادة هو الذي يرسل الرياح لما ذكر والأمطار، لا الأصنام التي تعبدون؛ إذ تعلمون أنها لا تملك شيئًا مما ذكر.
أو يذكر نعمه التي عليهم؛ ليتأدى بها شكرها، أو يطمعهم إيمان بعض منهم بعدما كانوا آيسين عن إيمانهم، كما أطمعهم المطر والسعة بعد ما قحطوا وكانوا آيسين عنه؛ ألا ترى أنه قال: (فَإِذَا أَصَابَ بِهِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ) وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ يُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ مِنْ قَبْلِهِ لَمُبْلِسِينَ). قال أَبُو عَوْسَجَةَ: (فَتُثِيرُ سَحَابًا)، أي: ترفعه.
وقال أبو عبيدة: تجمعه؛ كما يستثير الرجل العلم فيجمعه.
وقوله: (وَيَجْعَلُهُ كِسَفًا).
قَالَ بَعْضُهُمْ: قطعًا قطعًا.
وقَالَ بَعْضُهُمْ: يضم بعضه إلى بعض، ويحمل بعضه على بعض.
وقوله: (فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ).


الصفحة التالية
Icon