أي: المطر يخرج من خلال السحاب، أي: من بين السحاب، ويقرأ (خَللهِ)، ومعناه: نقبه.
وقوله: (لَمُبْلِسِينَ (٤٩)
آيسين، والإبلاس: الإياس؛ ولذلك سمى إبليس: إبليس لأنه أُوِيس من رحمة اللَّه.
وقوله: (فَانْظُرْ إِلَى آثَارِ رَحْمَتِ اللَّهِ كَيْفَ يُحْيِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا إِنَّ ذَلِكَ لَمُحْيِ الْمَوْتَى وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (٥٠)
يحتمل أن يكون قوله: (إِلَى آثَارِ رَحْمَتِ اللَّهِ)، أي: المطر، أراد بالرحمة: المطر، سمى المطر: رحمة؛ لأنه يكون برحمته.
أو أن يكون الآثار هو المطر نفسه، جعله من آثار رحمته وأعلامه.
ثم الأمر بالنظر والاعتبار بآثار رحمته يحتمل وجوهًا:
أحدها: أمرهم بالنظر إلى ذلك؛ ليعلموا أنه رحيم؛ كي يرغبوا فيما رغبهم ويرجوا فيما أطمعهم ودعاهم إليه؛ إذ قد ظهر آثار رحمته؛ فكل رحيم يرغب فيما رغب وأطمع.
أو أن يكون الأمر بالنظر إلى آثار رحمته؛ إذ ذلك راجع إلى منافع أبدانهم وأنفسهم وما به قوامهم؛ ليتأدى بذلك شكره، وفي ذلك يقع الحاجة إلى من يعرفهم تلك النعم ويعرف شكرها؛ فيكون في ذلك الترغيب في قبول الرسالة وإثباتها.
أو أن يكون سمى المطر: رحمة؛ لما يرجع ذلك إلى منافع أبدانهم وما به قوام أنفسهم؛ ليعرفوا الرحمة هي راجعة إلى منافع دينهم وآخرتهم، وهو رسول اللَّه؛ إذ سماه في غير موضع: رحمة بقوله: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ).
أو أن يأمر بالنظر إلى ذلك المطر، وأنه كيف يحي هذه الأرضين الموات، وينبت فيها من ألوان النبات؟! وهذه الأشجار اليابسة كيف تخضر بعد يبوستها بهذه الأمطار؟! ليعرفوا أن من ملك هذا، وقدر على ذلك، وهو خارج عن وسعهم وتقديرهم لقادر على إحياء الموتى وبعثهم بعد الممات، وإن كان خارجًا عن تقديرهم ووسعهم، وهو على كل شيء قدير لا يعجزه شيء.
وقوله: (وَلَئِنْ أَرْسَلْنَا رِيحًا فَرَأَوْهُ مُصْفَرًّا لَظَلُّوا مِنْ بَعْدِهِ يَكْفُرُونَ (٥١)
يعني به: الزرع والنبات الذي أخرج من الأرض بالمطر.
قَالَ بَعْضُهُمْ: رأوه يابسًا إذا أصابته الريح الباردة.
(لَظَلُّوا مِنْ بَعْدِهِ يَكْفُرُونَ).


الصفحة التالية
Icon