وقوله: (وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَالْإِيمَانَ لَقَدْ لَبِثْتُمْ فِي كِتَابِ اللَّهِ إِلَى يَوْمِ الْبَعْثِ فَهَذَا يَوْمُ الْبَعْثِ وَلَكِنَّكُمْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ (٥٦)
اختلف فيه:
قَالَ بَعْضُهُمْ: هو على التقديم والتأخير؛ كأنه: قال الذين أوتوا العلم في كتاب اللَّه، أي: أوتوا العلم بكتاب اللَّه والإيمان به: لقد لبثتم إلى يوم البعث فهذا يوم البعث.
وقَالَ بَعْضُهُمْ: قال الذين أوتوا العلم والإيمان: لقد لبثتم في علم اللَّه في الدنيا إلى يوم البعث، فهذا يوم البعث.
وبعضهم يقول: وقال الذين أوتوا العلم والإيمان: لقد لبثتم فيما كتب اللَّه لكم من الآجال إلى انقضاء آجالكم وفنائها.
وقوله: (فَهَذَا يَوْمُ الْبَعْثِ) الذي كنتم تنكرونه وتكذبونه.
(وَلَكِنَّكُمْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ).
هذا يخرج على وجهين:
أحدهما: على حقيقة نفي العلم عنهم، لكنهم لا يعذرون لجهلهم بذلك؛ لما أعطوا أسباب العلم لو تفكروا وتأملوا لعلموا.
والثاني: على نفي الانتفاع بعلمهم؛ على ما نُفي عنهم حواس كانت لهم؛ لما لم ينتفعوا بها؛ فعلى ذلك جائز نفي العلم عنهم بذلك لما لم ينتفعوا بما علموا، واللَّه أعلم.
وقوله: (فَيَوْمَئِذٍ لَا يَنْفَعُ الَّذِينَ ظَلَمُوا مَعْذِرَتُهُمْ وَلَا هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ (٥٧)
ليس على أن يكون لهم عذر فلا ينفعهم ذلك، ولكن لا عذر لهم ألبتَّة.
أو أن يكون معذرتهم ما ذكروا: (مَا لَبِثُوا غَيْرَ سَاعَةٍ) فذلك معذرتهم؛ فلا ينفعهم ذلك؛ لأنهم كذبة في ذلك.
وقوله: (وَلَا هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ).
الاستعتاب: هو الاسترجاع عما كانوا فيه، فهم لا يطلب منهم. الرجوع عما كانوا عليه في ذلك الوقت، والعتاب في الشاهد: أن يعاتب؛ ليترك ما هو عليه ويرجع عما كان منه فيما مضى، وذلك لا ينفع للكفرة في ذلك اليوم، واللَّه أعلم.
وقوله: (وَلَئِنْ أَرْسَلْنَا رِيحًا فَرَأَوْهُ مُصْفَرًّا).
أي: رأوا ذلك الزرع والنبات مصفرا، أي: يابسًا؛ لما أصابه من الريح والبرد.
(لَظَلُّوا مِنْ بَعْدِهِ).