يكن في تكلف معرفة القبيح ليعرفه قبيحًا على ما هو حقيقة - عيب، هذا إذا كان التأويل على ما يذهبون هم إليه. فأما إذا كان ما ذكرنا في قوله: (أَحْسَنَ)، أي: علم أو أعلم، فليس يدخل في ذلك شيء مما ذكروا، واللَّه أعلم.
وقوله: (وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنْسَانِ مِنْ طِينٍ).
قال عامتهم: يعني: آدم.
وقوله: (ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ مَاءٍ مَهِينٍ (٨)
أي: نسل آدم.
(نَسْلَهُ): أي: ولده.
وقال: السلالة: الخالص من كل شيء.
(ثُمَّ سَوَّاهُ وَنَفَخَ فِيهِ مِنْ رُوحِهِ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلًا مَا تَشْكُرُونَ (٩)
أي: آدم.
وقَالَ بَعْضُهُمْ: لا؛ ولكن ذلك نعت ولده وذريته؛ لأن الأعجوبة في خلق ولده في الأرحام في ثلاث ظلمات من النطفة إن لم تكن أكثر من خلق آدم من طين لا تكون أقل؛ لأن صنع الأشياء الظاهرة البادية وتسويتها في الشاهد أيسر وأدون من صنعها وتسويتها إذا كانت غائبة مستكنة.
وظاهره: أن يكون قوله: (وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنْسَانِ مِنْ طِينٍ): آدم، (ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ مَاءٍ مَهِينٍ): ذريته؛ لأن النسل هو الولد والذرية.
وقوله: (مِنْ سُلَالَةٍ): قَالَ بَعْضُهُمْ: السلالة: هو الصفوة من الماء، والخالص من كل شيء.
وقَالَ بَعْضُهُمْ: السلالة: هي من السل: سل السيف، أي: أخرجه ونزعه؛ فعلى ذلك قوله: (مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ مَاءٍ)، أي: استخرج من الظهر وسل منه ونزع.
والمهين: هو الضعيف؛ يقال منه: مهن يمهن مهانة، فهو مهين، وهو قول أبي عَوْسَجَةَ والْقُتَبِيّ.
وقوله: (ثُمَّ سَوَّاهُ).
أي: جمعه وقومه وركب بعضه ببعض.
(وَنَفَخَ فِيهِ مِنْ رُوحِهِ).


الصفحة التالية
Icon