هذه الآية ذكرت في الاحتجاج عليهم لإنكارهم البعث، والأولى ذكرت لإنكارهم نزول العذاب بالتكذيب والخلاف للرسل، فيخبرهم أن من قدر على سوق الماء إلى الأرض الميتة اليابسة وإحيائها، لقادر على إحيائكم بعد الموت؛ إذ الأعجوبة والقدرة في إحياء الأرض الميتة اليابسة إن لم يكن أكثر فلا تكون دون ما أنكروا؛ فكيف أنكرتم القدرة على إحياء الموتى، وقد عاينتم ما هو أكثر أو مثله؟!.
والأرض الجرز: قال أَبُو عَوْسَجَةَ: هي التي لا نبت فيها، وأرضون أجراز، وأرض أجراز، وكذلك قَالَ الْقُتَبِيُّ: الأرض الجرز: اليابسة: التي لا نبت فيها، وجمعها أجراز، ويقال: سنون أجراز: إذا كانت سني جدب.
وقَالَ بَعْضُهُمْ: الأرض الجرز: التي تأكل نباتها، أي: يحترق فيها، يقال: امرأة جرزاء: إذا كانت أكولة، أو كلام نحوه.
(تَأْكُلُ مِنْهُ)، من الزرع الذي ذكر أنه يخرج من الأرض اليابسة بالماء.
(أَنْعَامُهُمْ وَأَنْفُسُهُمْ أَفَلَا يُبْصِرُونَ)، قدرته في إخراج ما ذكر مما فيه غذاؤكم وغذاء ما سخر لكم من الأنعام.
أو يذكر نعمه، يقول: أفلا تبصرون نعمه؛ فكيف تكفرونه، وتعبدون غيره، وتصرفون الشكر إلى غيره؟! وذكر عن عمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أنه قال: " الأرض الجرز التي لا نبات فيها ".
وقوله: (وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْفَتْحُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (٢٨)
قَالَ بَعْضُهُمْ: إن أصحاب رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - كانوا يقولون ويتحدثون: إن لنا يومًا أوشك أن نستريح فيه ونتنعم فيه - يعنون: يوم القيامة - فقال كفار مكة: متى هذا الفتح؛ وهو القضاء.
(إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ): بأنه كائن، فإن كان البعث والقيامة حقا - صدّقنا يومئذ وآمنا؛ فأنزل اللَّه - تعالى -، (قُلْ... (٢٩) يا مُحَمَّد لهم: (يَوْمَ الْفَتْحِ): يوم القضاء، (لَا يَنْفَعُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِيمَانُهُمْ). بالبعث؛ لقولهم: لو كان البعث الذي يقولون حقًّا صدقناه يومئذ.
(وَلَا هُمْ يُنْظَرُونَ):
يقول: لا ينظر بهم بالعذاب حين يعذبون.


الصفحة التالية
Icon