على أنه هو المراد بقوله: (يس)؛ إذ لا يستقيم الخطاب بقوله: (إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ) إلا على سبق خطاب له وذكر اسمه.
وقال عكرمة: هو حرف من الهجاء الذي افتتح به السور كسائر حروف الهجاء.
وقَالَ بَعْضُهُمْ: هو من حروف الهجاء التي أقسم اللَّه بها، بما يتلو تلك الحروف من القرآن والآيات والكتاب؛ إذ من عادة العرب القسم بكل ما عظم خطره وجل قدره.
فَإِنْ قِيلَ: كيف أقسم بالقرآن وهم كانوا ينكرون القرآن أنه من عند اللَّه؟!
قيل: إنهم وإن كانوا ينكرونه، فقد عظم قدره وجل خطره عندهم بما عجزوا عن إتمِان مثله بعد قرع أسماعهم بقوله: (قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ...) الآية، ونحوه.
والثاني: أقسم به وإن كانوا ينكرونه؛ لما أن قسمه به يحملهم على السؤال عنه؛ إذ كانوا لا يقسمون إلا بما عظم قدره وجل خطره، يقولون: ما هذا القرآن الذي أقسم ربنا به؛ ألا ترى أنه قال: (تَنْزِيلَ الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ)، فكأنه على سؤال خرج على هذا أنه (تَنْزِيلَ الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ)، وأن يكون القسم به وبغيره من الأشياء التي عظم خطرها عندهم، على إضمار القسم برب هذه الأشياء وبإلاهها؛ هذا على قول من يقول بأن القسم باللَّه حقيقة لا بتلك الأشياء - مستقيم، وعلى قول من يجعل القسم بها لا على الإضمار هو ما ذكرنا.
وقوله: (الْحَكِيمِ).
أي: الْمُحْكَم لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه على ما وصف.
وقَالَ بَعْضُهُمْ: المحكم بالحلال والحرام، والوعد والوعيد، من غير أن يكون فيه اختلاف.
وقَالَ بَعْضُهُمْ: الحكيم؛ لأن من تمسك به وعمل بما فيه يصير حكيمًا.
وقوله: (إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ (٣)
ولم يقل: إنك لرسول اللَّه، وكلاهما سواء، غير أن قوله: (إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ) الذين آمنوا بهم من قبل وصدقوا بهم ففيه زيادة، ليس ذلك في قوله: (إنك لرسول)، والله أعلم.
وقوله: (عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (٤)
قَالَ بَعْضُهُمْ: المستقيم: القائم بالحجج والبراهين، ليس بالهوى كسائر الأديان والسبل.
وقَالَ بَعْضُهُمْ: المستقيم: المستوي، أي: مستوٍ؛ على أن من يسلكه أفضاه - أي: