اللَّه - وبلغه إلى دار السلام.
وقَالَ بَعْضُهُمْ: المستقيم، أي: استقام بالحق والعدل والصدق، لا زيغ فيه، ولا جور، ولا عدول، ولا اعوجاج.
ويحتمل أن يكون ذلك وصف النبوة والرسالة التي تقدم ذكرها.
ويحتمل وصف الدِّين، وذلك عامة قول أهل التأويل، واللَّه أعلم.
وقوله: (تَنْزِيلَ الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ (٥)
أي: ذلك القرآن الذي أقسم به (تَنْزِيلَ الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ)، أي: من عنده نزل وأحكم، سمى نفسه: عزيزًا رحيمًا عظيمًا لطيفًا ظاهرًا باطنًا أولا آخرًا، وفي الشاهد من وصف بالعز لا يوصف بالرحمة، ومن وصف بالعظم لا يوصف باللطافة، ومن وصف بالظاهر لا يوصف بأنه باطن، ومن وصف بالأول لا يوصف بالآخر؛ ليعلم أن المعنى الذي وصف به الخلق غير الذي وصف به الرب - تبارك وتعالى - لأن من وصف من الخلق بواحد مما ذكرنا لم يستحق الوصف بالآخر، فدل، أن ما وصف به الرب - تبارك وتعالى - غير ما يوصف به الخلق، تعالى اللَّه علوا كبيرًا.
وقوله: (لِتُنْذِرَ قَوْمًا مَا أُنْذِرَ آبَاؤُهُمْ فَهُمْ غَافِلُونَ (٦) اختلف فيه:
قَالَ بَعْضُهُمْ: (لِتُنْذِرَ قَوْمًا) مثل الذي أنذر آباؤهم من الآيات التي أقامها، فلم يقبلوها (فَهُمْ غَافِلُونَ) أميون.
وقَالَ بَعْضُهُمْ: (لِتُنْذِرَ قَوْمًا مَا أُنْذِرَ آبَاؤُهُمْ فَهُمْ)، أي: لتنذر قومًا أميين لم ينذر آباؤهم، يقول قائل: لم تكن النذارة للأميين من قبل، كأنه يقول: لتنذر قومًا أميين لم ينذر آباؤهم الأميون من قبل؛ وكذلك قال: (لَئِنْ جَاءَهُمْ نَذِيرٌ لَيَكُونُنَّ أَهْدَى مِنْ إِحْدَى الْأُمَمِ)؛ وهو كقوله: (لِتُنْذِرَ قَوْمًا مَا أَتَاهُمْ مِنْ نَذِيرٍ مِنْ قَبْلِكَ)، وقوله: (وَمَا أَرْسَلْنَا إِلَيْهِمْ قَبْلَكَ مِنْ نَذِيرٍ)، أي: لم نرسل إليهم قبلك نذيرًا، وأصله: أنه يخبر أنه لا ينجع في هَؤُلَاءِ النذارة كما لم ينجع في آبائهم، بل هم غافلون.
ثم الإنذار يحتمل أن يكون بالنار في الآخرة والتعذيب بها، ويحتمل الآيات التي أقامها في الدنيا والقتل فيها، واللَّه أعلم.
وقوله: (لَقَدْ حَقَّ الْقَوْلُ عَلَى أَكْثَرِهِمْ فَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ (٧)
قيل: هو قوله لإبليس حيث قال: (لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنْكَ وَمِمَّنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ أَجْمَعِينَ)، و (مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ)، أي: حق ذلك القول ووجب.
ثم يحتمل ذلك في الذي ذكره بعض أهل التأويل: أن نفرًا هموا برسول اللَّه قتله وأذاه،