(وَلَوْ نَشَاءُ لَمَسَخْنَاهُمْ عَلَى مَكَانَتِهِمْ): أي: لأقعدناهم على أرجلهم على ما ذكر.
(فَمَا اسْتَطَاعُوا مُضِيًّا وَلَا يَرْجِعُونَ).
يقول - واللَّه أعلم -: ما استطاعوا أن يتقدموا ويتأخروا.
وابن عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - يقول ما تقدم ذكره، أي: لو شاء غير أعين الضُّلَّال فلم يبصروا الطريق (فَأَنَّى يُبْصِرُونَ) أي: كيف يبصرون، أو نحوه من الكلام.
ومقاتل يقول: لو شاء طمس أعينهم ظاهره (فَاسْتَبَقُوا الصِّرَاطَ فَأَنَّى يُبْصِرُونَ)، أي: لا يبصرون، وهو قريب مما ذكر آنفًا.
وجائز أن يكون على التضثيل على ما ذكرنا بدءًا.
ويحتمل على التحقيق أن من قدر على الطمس أو المسخ وما ذكر من النكس، لا يعجزه شيء من البعث وغيره؛ إذ خلق الإنسان للطمس أو المسخ خاصة لا لعاقبة تقصد ليس بحكمة.
أو يذكر أنه لو شاء لطمسهم ولمسخهم، لكنه تركهم فلم يطمسهم ولم يمسخهم؛ ليبقوا في النعمة؛ ليشكروا نعمه.
* * *
قوله تعالى: (وَمَنْ نُعَمِّرْهُ نُنَكِّسْهُ فِي الْخَلْقِ أَفَلَا يَعْقِلُونَ (٦٨) وَمَا عَلَّمْنَاهُ الشِّعْرَ وَمَا يَنْبَغِي لَهُ إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ وَقُرْآنٌ مُبِينٌ (٦٩) لِيُنْذِرَ مَنْ كَانَ حَيًّا وَيَحِقَّ الْقَوْلُ عَلَى الْكَافِرِينَ (٧٠) أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا خَلَقْنَا لَهُمْ مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا أَنْعَامًا فَهُمْ لَهَا مَالِكُونَ (٧١) وَذَلَّلْنَاهَا لَهُمْ فَمِنْهَا رَكُوبُهُمْ وَمِنْهَا يَأْكُلُونَ (٧٢) وَلَهُمْ فِيهَا مَنَافِعُ وَمَشَارِبُ أَفَلَا يَشْكُرُونَ (٧٣) وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ آلِهَةً لَعَلَّهُمْ يُنْصَرُونَ (٧٤) لَا يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَهُمْ وَهُمْ لَهُمْ جُنْدٌ مُحْضَرُونَ (٧٥) فَلَا يَحْزُنْكَ قَوْلُهُمْ إِنَّا نَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ (٧٦)
وقوله: (وَمَنْ نُعَمِّرْهُ نُنَكِّسْهُ فِي الْخَلْقِ).
أي: من نعمره حتى يدركه الهرم والضعف، يقول: نرده في الخلق الأول لا يعقل فيه كعقله الأول؛ كقوله: (وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ).
(أَفَلَا يَعْقِلُونَ).
أي: من فعل هذا، أو قدر على هذا، لا يعجزه شيء ويتأدى به شكره.
قَالَ الْقُتَبِيُّ: المطموس: هو الذي لا يكون بين جفنيه شق، (فَاسْتَبَقُوا الصِّرَاطَ) أي: فتجوزوا.
وقال أَبُو عَوْسَجَةَ: (لَطَمَسْنَا عَلَى أَعْيُنِهِمْ) أي: أعميناهم، والمسخ: هو تغيير