وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (قَالُوا ابْنُوا لَهُ بُنْيَانًا فَأَلْقُوهُ فِي الْجَحِيمِ (٩٧)
كأنه قَالَ بَعْضُهُمْ لبعض: ابنوا له بنيانا ليجمع فيه الحطب فتعظم فيه النار فيصير جحيمًا، ثم ألقوا إبراهيم في الجحيم، والجحيم قد ذكرنا أنه معظم النار.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (فَأَرَادُوا بِهِ كَيْدًا فَجَعَلْنَاهُمُ الْأَسْفَلِينَ (٩٨)
أي: هالكين، يقولون: ما تأخر اللَّه بعد ذلك حتى أهلكهم.
ويشبه أن يكون ما ذكرنا واللَّه أعلم، فإذا أرادوا إهلاك إبراهيم - عليه السلام - فصاروا من الهالكين، واللَّه أعلم.
* * *
قوله تعالى: (وَقَالَ إِنِّي ذَاهِبٌ إِلَى رَبِّي سَيَهْدِينِ (٩٩) رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ (١٠٠) فَبَشَّرْنَاهُ بِغُلَامٍ حَلِيمٍ (١٠١) فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ مَاذَا تَرَى قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ (١٠٢) فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ (١٠٣) وَنَادَيْنَاهُ أَنْ يَا إِبْرَاهِيمُ (١٠٤) قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (١٠٥) إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْبَلَاءُ الْمُبِينُ (١٠٦) وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ (١٠٧) وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ (١٠٨) سَلَامٌ عَلَى إِبْرَاهِيمَ (١٠٩) كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (١١٠) إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُؤْمِنِينَ (١١١) وَبَشَّرْنَاهُ بِإِسْحَاقَ نَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ (١١٢) وَبَارَكْنَا عَلَيْهِ وَعَلَى إِسْحَاقَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِمَا مُحْسِنٌ وَظَالِمٌ لِنَفْسِهِ مُبِينٌ (١١٣)
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَقَالَ إِنِّي ذَاهِبٌ إِلَى رَبِّي سَيَهْدِينِ).
قَالَ بَعْضُهُمْ: ذاهب إلى ربي بقلبي وعملي ونيتي وذلك في الآخرة.
ويحتمل: ذاهب إلى ما أمرني ربي، أو إلى ما أذن لي، أي: وقد أمر بالهجرة إلى الأم من مكة.
أو ذاهب إلى ما فيه رضاء ربي، أو طاعة ربي ونحو ذلك، واللَّه أعلم.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (سَيَهْدِينِ).
قَالَ بَعْضُهُمْ: أي: سينجيني مما رأيت من قومي.
وقَالَ بَعْضُهُمْ: سيهديني الطريق، وذلك جائز نحو قول موسى - عليه السلام -: (قَالَ عَسَى رَبِّي أَنْ يَهْدِيَنِي سَوَاءَ السَّبِيلِ)، لما توجه إلى مدين؛ فعلى ذلك جائز قول إبراهيم: (إِنِّي ذَاهِبٌ إِلَى رَبِّي) أي: ذاهب إلى أمر ربي، أي: متوجه إلى ما أمر ني ربي أن أتوجه سيهديني ذلك الطريق، واللَّه أعلم.