وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: [(وَفِرْعَوْنُ ذُو الْأَوْتَادِ)].
قَالَ بَعْضُهُمْ: إن فرعون كان إذا غضب على أحد من قومه مده بأوتاد فيعاقبه بها ويعذبه، واللَّه أعلم.
وقَالَ بَعْضُهُمْ: [(وَفِرْعَوْنُ ذُو الْأَوْتَادِ)]، أي: ذي البناء المحكم.
وقَالَ بَعْضُهُمْ: كانت له أوتاد وأرسان، أي: جبال وتلاعيب يلاعبون بها، والله أعلم.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَمَا يَنْظُرُ هَؤُلَاءِ إِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً مَا لَهَا مِنْ فَوَاقٍ (١٥)
يخبر - عَزَّ وَجَلَّ - رسوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - ويؤيسه عن إيمانهم أنهم لا يؤمنون إلا عند وقوع العذاب بهم حتى لا ينفعهم الإيمان؛ كقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (إِنَّ الَّذِينَ حَقَّتْ عَلَيْهِمْ كَلِمَتُ رَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ (٩٦) وَلَوْ جَاءَتْهُمْ كُلُّ آيَةٍ حَتَّى يَرَوُا الْعَذَابَ الْأَلِيمَ).
ثم قوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (إِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً) يحتمل أن يكون سمى نفس العذاب: صيحة.
وجائز أن يكون ذكر صيحة؛ لما أن العذاب إذا نزل بهم ووقع عليهم يصيحون، فسمى ذلك: صيحة؛ لصياحهم.
أو أن يكون ذلك إذا نزل بهم كان فيه صياح، وصوت الشيء الهائل العظيم الشديد إذا هو وقع ومال إلى الأرض، كان فيه صياح وصوت حتى يفزع الناس منه؛ فعلى ذلك الصيحة التي ذكر يحتمل ما ذكرنا، واللَّه أعلم.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (مَا لَهَا مِنْ فَوَاقٍ).
قال أبو عبيدة: من فتحها أراد: ما لها من راحة ولا إقامة، كأنه ذهب إلى إفاقة المريض من علته.
ومن ضمها جعلها من فُواق الناقة وهو ما بين الحلبتين، ويريد (مَا لَهَا مِنْ فَوَاقٍ): انتظار ومكث.
قال أَبُو عَوْسَجَةَ والْقُتَبِيّ: (مَا لَهَا مِنْ فَوَاقٍ)، أي: من انقطاع؛ إذ هي دائمة أبدًا لا تنقطع به.
وقال الكسائي: الفَواق: بالنصب والرفع لغتان، وهو من فواق الناقة بين الحلبتين