وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (إِنَّا أَخْلَصْنَاهُمْ بِخَالِصَةٍ ذِكْرَى الدَّارِ (٤٦)
أي: شرف الدار وذكرهم صاروا مذكورين مشرفين في الدار.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَإِنَّهُمْ عِنْدَنَا لَمِنَ الْمُصْطَفَيْنَ الْأَخْيَارِ (٤٧)
أي: هم عندنا أهل صفوة اصطفاهم اللَّه - عَزَّ وَجَلَّ - واختارهم لنفسه ولرسالته.
وقَالَ بَعْضُهُمْ: (وَإِنَّهُمْ عِنْدَنَا لَمِنَ الْمُصْطَفَيْنَ الْأَخْيَارِ) اختارهم على علم الرسالة.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَاذْكُرْ إِسْمَاعِيلَ وَالْيَسَعَ وَذَا الْكِفْلِ وَكُلٌّ مِنَ الْأَخْيَارِ (٤٨)
يحتمل قوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَاذْكُرْ) وجوهًا على ما ذكرنا: صبر هَؤُلَاءِ على ما لقوا من قومهم، فتستعين أنت على الصبر مما تلقى من قومك.
أو يقول: اذكر حسن معاملة هَؤُلَاءِ ربهم وحسن سيرتهم فيما بينهم وبين الخلق؛ لتعامل أنت ربك مثل معاملتهم ومثل سيرتهم.
أو يقول: اذكر هَؤُلَاءِ ومن ذكر، أي أكثر عليهم بحسن الثناء واذكرهم بخير ما أثنى عليهم، وأمر الناس أن يثنوا عليهم على ما تقدم ذكره؛ ليكونوا أبدًا أحياء بحسن الثناء والذكر.
أو أن يقول: اذكر هَؤُلَاءِ أن كيف عاملهم اللَّه واختارهم لرسالته وما ذكر اللَّه، والله أعلم.
ثم قوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَالْيَسَعَ) قَالَ بَعْضُهُمْ: هو إلياس، وقَالَ بَعْضُهُمْ: هو غيره، وكان ابن عم إلياس، واللَّه أعلم.
(وَذَا الْكِفْلِ) اختلف فيه إيضًا:
قَالَ بَعْضُهُمْ: كان إلياس في أربعمائة نبي - عليهم السلام - في زمن ملك، فقتل الملك ثلاثمائة منهم فكفل رجل إلياس في مائة نبي فكفلهم وخبأهم عنده يطعمهم ويسقيهم حتى خرجوا من عنده، وكان الكفل بمنزلة من الملك فلذلك سمي: ذا الكفل؛ لأنه خبأهم وكفلهم، واللَّه أعلم.
وقَالَ بَعْضُهُمْ: سمي: ذا الكفل؛ لأنه كفل لله - عَزَّ وَجَلَّ - خوفًا لله به، فسمي: ذا الكفل.
وقال أبو موسى الأشعري: إن ذا الكفل لم يكن نبيًّا، ولكن كان رجلا صالحًا فكفل بعمل رجل صالح عند موته كان يصلي لله - عَزَّ وَجَلَّ - كل يوم مائة صلاة، فأحسن الله عليه لسابق كفالته.
وقَالَ بَعْضُهُمْ: إن نبيًّا من الأنبياء قال لقومه: أيكم يكفل بتبليغ ما بعثت به إلى الناس بعدي لأضمن له الجنة والدرجة العليا، فقال شاب: إنا نكفل التبليغ على ذلك ووفى ما