وأبي: (وقربت الجحيم الضالين) وفي هذه القراءة الظاهرة: (بُرِّزَتِ): أظهِرَتْ.
وقوله: (وَقِيلَ لَهُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ (٩٢) مِنْ دُونِ اللَّهِ... (٩٣) في الدنيا، أي: ثم يقال لهم: أين ما كنتم تعبدون من دون اللَّه في الدنيا، هل ينصرونكم ويمنعونكم من عذاب اللَّه، أو ينتصرون هم من العذاب؟! لأنهم يطرحون جميعًا العابد والمعبود في النار؛ كقوله: (إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ)، وإنما قالوا ذلك لهم؛ لأنهم كانوا يقولون في الدنيا: (هَؤُلَاءِ شُفَعَاؤُنَا عِندَ اللَّهِ)، و (مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى)، فيقال لهم مقابل ذلك في الآخرة: (هَلْ يَنْصُرُونَكُمْ) الآية.
وقوله: (فَكُبْكِبُوا فِيهَا هُمْ وَالْغَاوُونَ (٩٤) قال الزجاج: هو من كب، أي: كبوا، لكن ذكر كبكبوا على التكرار والإعادة مرة بعد مرة، أي: يكبون لم يزل عملهم ذلك، أو كلام نحو هذا.
وقال القتبي: (فَكُبْكِبُوا فِيهَا): ألقوا على رءوسهم، وقذفوا.
وأصل الحرف كبوا، من ذلك كببت الإناء، فأبدلت مكان الباء الكاف، وهو الطرح والإلقاء على الوجوه؛ يقال: كبكبتهم أي: طرحتهم في النار أو في البئر، هو من قوله: (فَكُبَّتْ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ).
(وَالْغَاوُونَ): قيل: الضالون، يقال: غوى يغوى غيا وغواية فهو غاوٍ، أي: ضل؛ وهو قول أبيءوسجة والْقُتَبِيّ.
وقال ألي ومعاذ: (فَكُبْكِبُوا): أصله: كبوا.
وقَالَ بَعْضُهُمْ: جمعوا فيها: (وَجُنُودُ إِبْلِيسَ أَجْمَعُونَ (٩٥)
قَالَ بَعْضُهُمْ: (وَالْغَاوُونَ) هم الشياطين، (وَجُنُودُ إِبْلِيسَ): ذريته، أي: الشياطين الذين أضلوا بني آدم؛ وهو قول قتادة.
وقَالَ بَعْضُهُمْ: (وَالْغَاوُونَ): هم كفار الجن، (وَجُنُودُ إِبْلِيسَ) هم الشياطين.
وقَالَ بَعْضُهُمْ: (وَالْغَاوُونَ): هم الأئمة من الكفار، (وَجُنُودُ إِبْلِيسَ): سائر الكفار أتباعهم وذريتهم، واللَّه أعلم.