يقل: إذ قال لهم أخوهم شعيب، وقال في سورة هود حيث قال: (وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا...) الآية، كان من نسل أهل مدين، ويقولون: إن شعيبًا كان بعث إلى أهل مدين وهو كان منهم، وإلى أصحاب الأيكة وهو لم يكن منهم؛ لذلك قال ثَمَّ: أخاهم ولم يقل هاهنا.
لكن ليس فيما لم يقل: إنه أخوهم ما يدل أنه لم يكن من نسلهم ولا من نسبهم؛ لأن جميع أولاد آدم إخوة، إذ يسمى جميع البشر بنيه؛ فعلى ذلك أولاده إخوة وأخوات.
ثم لا ندري أن مدين غير الأيكة والأيكة غير مدين، فبعث شعيب إليهم جميعًا أو هما واحد نسبوا إلى الأيكة مرة وإلى مدين ثانيًا، واللَّه أعلم.
وقَالَ الْقُتَبِيُّ: الأيكة: الغيضة، وجمعها: أيك.
وقال أَبُو عَوْسَجَةَ: الأيكة: شجرة، والأيك: جمع أيكة، وقال: لا أعرف " لَيْكة " بلا ألف؛ وكذلك قال أبو عبيدة.
وقال أبو زيد: أصحاب الأيكة أصحاب بادية، واللَّه أعلم.
وقوله: (أَوْفُوا الْكَيْلَ وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُخْسِرِينَ (١٨١) وكذلك قال لأهل مدين في سورة هود: (وَيَا قَوْمِ أَوْفُوا الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ وَلَا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ)، ذكر فيهما جميعًا إيفاء الكيل، فلسنا ندري أنه قد ظهر فيهما جميعًا نقصان الكيل والوزن، فأمرهما بإيفاء ذلك لو كانت القصة واحدة فذكر فيهما ذلك.
ثم في قوله: (وَلَا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ (١٨٣) جواز الاستدلال من وجهين:
أحدهما: وقوع المبيع بملك المشتري، وإن لم يقبضه المشتري.
والثاني: جواز بيع الجزء من الكيلي والوزني شائعًا من الكل؛ لأنه قال: (وَلَا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ)، أضاف الأشياء إلى الناس ونسبها إليهم، فلولا أن ذلك ملك لهم وإلا لم تكن، أشياءهم، ولكن كانت أشياء هَؤُلَاءِ؛ إذ لا يخلو ذلك إما أن كان ثمنا أو كان مبيعا، فكيفما كان فهو موصوف بالملك لهم دون الذين عليهم إيفاء ذلك.
وقوله: (أَوْفُوا الْكَيْلَ): كأنه قال: أوفوا الكيل والوزن فيما عليكم إيفاؤه، ولا تستوفوا


الصفحة التالية
Icon