المراد من الشركاء هم الرؤساء والقادة، واللَّه أعلم.
قال أَبُو عَوْسَجَةَ والْقُتَبِيّ: (مَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الْآخِرَةِ) أي: عمل الآخرة، يقال: فلان يحرث للدنيا؛ أي: يعمل لها، ويجمع المال، ومنه قول ابن عمر - رضي اللَّه عنه -: " احرث لدنياك كأنك تعيش أبدا، واعمل لآخرتك كأنك تموت غدا "، ومنه سمي الرجل: حارثًا. (شَرَعُوا لَهُم) أي: ابتدعوا وسنوا، وكذلك في قوله: (شَرَعَ لَكُم)، أي: ابتدع وسن.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَلَوْلَا كَلِمَةُ الْفَصْلِ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ) يحتمل وجهين:
أحدهما: الحكم؛ كأنه يقول: لولا أن اللَّه - تعالى - حكم في هذه الآية بتأخير العذاب إلى يوم القيامة، وهو ما ذكر أنه بعث رسوله - يختَ رحمة لهم بقوله: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ).
والثاني: (الْفَصْلِ): البيان تأويله: لولا ما وعد في الدنيا أنه يفصل بينهم في الآخرة فيما ذكر: (هَذَا يَوْمُ الْفَصْلِ جَمَعْنَاكُمْ وَالْأَوَّلِينَ)، ونحوه، وقيل: (وَلَوْلَا كَلِمَةُ الْفَصْلِ) أي: القضاء السابق: أن الجزاء يوم القيامة - لقضي بينهم في الدِّين، واللَّه أعلم.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ - (تَرَى الظَّالِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا كَسَبُوا وَهُوَ وَاقِعٌ بِهِمْ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فِي رَوْضَاتِ الْجَنَّاتِ لَهُمْ مَا يَشَاءُونَ عِنْدَ رَبِّهِمْ ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ (٢٢) ذكر إشفاق الكفرة والظلمة وخوفهم في الآخرة، وإشفاق المؤمنين وخوفهم في الدنيا، فمن خاف عقوبته في الدنيا آمنه اللَّه - تعالى - عن خوف الآخرة، ومن استهزأ بعذاب اللَّه في الدنيا خوفه اللَّه في الآخرة، وعلى ذلك يخرج قوله - عليه السلام -: " لا يجمع اللَّه على أحد خوفين: خوف الدنيا وخوف الآخرة: من خافه في الدنيا أمن في الآخرة، ومن لم يخف في الدنيا خاف في الآخرة ".
ثم أخبر ما للمؤمنين في الآخرة، وهو قوله: (وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فِي رَوْضَاتِ الْجَنَّاتِ لَهُمْ مَا يَشَاءُونَ عِنْدَ رَبِّهِمْ)، ذكر ما لكل فريق بما كسبوا في الدنيا والآخرة.
قَالَ الْقُتَبِيُّ وأَبُو عَوْسَجَةَ: الروضة: البستان.
وقال الكسائي: الروضة: العشب حول القَرِيِّ.